وصلتني منذ سنة تقريباً رسالة من دار نشر اسمها "Noor publishing" (وأتعمّد ذكر اسمها لأني أريد التحذير منها) لنشر كتاب لي كان أصلاً منشوراً إلكترونياً. كان الأمر مريباً جداً لأن دور النشر لا تتواصل مع الكاتب بشكل طبيعي وخصوصاً إن كان عمله منشوراً، ممَّا يعني -تلقائياً- أنها دار للنشر الشخصي (self-publishing) الذي يتحمل كامل تكاليفه المؤلف، وهي حالة من المعتاد فيها أن تكسب دار النشر مالها من مؤلفي الكتب لا من قرائها.
رغم ذلك، كانت الحالة غريبة بعض الشيء لأن دار النشر كان لها مظهر احترافي من حيث الإيميلات وموقعها ومتجرها الإلكتروني الأنيق وصياغة الرسالة المدروسة، فضلاً عن أن المراسلة كانت باللغة العربية، وهو أمر غير مألوف. وأول ما خطر على بالي أن أبحث على الإنترنت عن اسم دار النشر (لا في موقعها الرسمي، وإنما في منتديات وشبكات اجتماعية)، لأنها لو كانت بصدد مراسلة عدد كبير من المؤلفين فمن المستبعد جداً أن أكون ضحيتها الوحيدة. ووجدتُ عنها أموراً أدهشتني.
اكتشفتُ أن هذه عبارة عن "نسخة" عربية من دار نشر أجنبية فائقة الشهرة اسمها OmniScriptum، وهي تتاجرُ بالمؤلفين والباحثين الذين تعتمد عليهم (وليس على مبيعاتها) لكسب ربحها، حيث أنها تأخذ أبحاثاً متواضعة وتنشرها بأسعار خيالية وغير منطقية (مثلاً، 40 أو 50 يورو لبحث من مؤلف غير معروف)، ثم تطلبُ من مؤلفي هذه الكتب شراء عشرات النسخ من كتبهم زاعمةً أن ذلك "سوف يؤدي إلى تخفيض سعرها وزيادة الإقبال عليها"، فضلاً عن المطالبة بعدّة مئات من الدولارات لقاء النشر. وجدتُ على الإنترنت العربي وحده عشرات المنشورات والشكاوى من مؤلفين تعرضوا للنصب والقرصنة الحقيقية، وهذا عدا عن سمعتها السيئة عالمياً.
لا أدري لو كنتِ بصدد حالة شبيهة أم أقل درامية، لكني أنصحك بالبحث على الإنترنت والتحقق أكثر مما قد يكون واجهه غيركِ من المؤلفين مع هذه الدار. أؤكد مرة أخرى على ما ذكرتهُ أعلاه، وهو أن دور النشر لا تتواصل -بصورة طبيعية- مع المؤلف، ولو حدثَ ذلك فسوف غالباً عبر صلة شخصية أو عبر وسيلة واضحة سمعت من خلالها دار النشر عنك. عدا عن ذلك، فإن النشر أمر صعبٌ جداً ولا يأتي على طبق من ذهب.
التعليقات