أخيرا يا صديقي...

كنت قد اخبرتك بأني أصور فيلماً وثائقياً عن الحياة البرية، عن التصرفات الغريبة للحيوانات، وفي إحدى المرات ذهبت لاستخراج الكاميرا من الغابة، وعدت بها إلى منزلي وفرغت محتوياتها لأشاهدها على الشاشة، وبقيت أسرع اللقطات حتى وصلت إلى المشهد المنتظر:

كنت قد ثبت الكاميرا أمام شجرة كبيرة، وكنا في فصل الخريف، فكانت أوراقها كلها متساقطة، وعلى أحد أغصانها يقف كالتمثال صياد جارح يدعى عقاب الصرارة أصفر العينين، والذي كان يلاحق بهما فأراً منزلياً يتحرك أسفل الشجرة، لا أدري كيف لاحظه من بين أرواق الشجر الميتة، التي كان الفأر يتقدم ببطئ ناحية كومة منها، حتى كاد يلامس إحداها، وفي غمضة عين هجم عليه ثعبان أملس الحراشف، ورغم تمكن الفأر من الإفلات من العضة، إلا أن الأملس غير سام، وفي لحظات لف جسده حول الفأر بالكامل وبدأ يعصره.

وقبل أن يبدأ الثعبان في وجبته، خرج العقاب من ثُباته وفرد أجنحته وهجم كالصاروخ على الأملس، حتى ثبته بمخالبه في الأرض، ففصل بينه وبين الفأر، ثم التقم رأس الثعبان بمنقاره، وبدأ يبتلعه شيء فشيء حتى أكله بالكامل.

وطار بعدها إلى عشه وأخرج منه جرادة كبيرة ميتة، ورماها ناحية الفأر، الذي كان يتعافى من هجمة الثعبان، وما إن شاهد الجرادة حتى هرول إليها وبدأ يتناولها تحت نظر العقاب دون هرب.