إنها السابعة والشمس مشرقة من السادسة، ها هى شمس يوليو بحرارتها الشديدة، أقدام كثيرة لا بد أنها منتظرة، فالمواصلات فى قريتنا تتلخص فى حالتين لا ثالث لهما ، إما أن تقف ساعات تنتظرها لتأتى وإما أن تنتظر بداخلها كى يحضر الركاب، لا بأس فعقب السادسة هذا هو المتوقع، إنها هكذا منذ أن كنت فى الجامعة،هم هم من يقفون معك كل صباح، لا تغير لا جديد ، عقول كل عام تتخرج من الجامعة ثم يأتى العام التالى لتراهم يقفون معك أيضا فى ذهاب إلى العمل، البعض يفسره أنه سوء إدارة لكى يضعك دائما فى توتر وتعب، كى تنزف قوتك ذهابا وإيابا كل يوم بمعدل ستة أيام خلال الأسبوع، الطلبة ما زالو نشطين منهم من يسير إلى الأمام كى يتجاوز قريته ويصل إلى القرية الأخرى متبع فى  ذلك الحركة بركة وربما يعثر على سيارة قادمة، والبعض الأخر وهؤلاء هم الأقدم  أتقنوا اللعبة ، يقف فى المنتصف إذ جاء أحدهم من الأمام أسرع وإن كان من الخلف لم يفته، والكثير يفر إلى القطار، أراه أفضل مواصلة رغم وقوفه الكثير الغير مبرر لنا أحيانا إلا أنه الأفضل، يكفى أن تظل جالس على المحطة، تنتظره لا تجرى يمين ولا يسارا،  تظل تنتظره إلى أن يأتى، لابد أنه سيأتى على كل حال، فأين سيذهب، إنه مساره الذى لا يضيعه، ربما  يأتى فى موعده وهذا نادر، وربما بعد موعده بقليل وهذا محتمل، وربما يفوت موعده ليأتى فى موعد القطار الأخر وهذا كثير، على كل سيأتى سيأتى، لا بأس إذ فى المواعيد المتأخرة التى تكون عقب وقت الذروة ولا بأس إذ لمن لا إرتباط لهم بأوقات عمل ومحاضرات مجدولة، ولا بأس بالرجال، إنهم يركبونهم فى كل وقت ووفق أى حالة لكن البأس كل البأس على النساء، البعض ما زال مؤمن أن المرأة مكانها البيت، ولا أدرى أى نص هذا الذى يستند إليه، لا بأس فالجميع الأن نصوصهم أهوائهم، فيكفى أن يرفع أحدهم صوته ويجهر به لينادى بما يهوى ولا يهم وافقت أم خالفت، لا ضير إن كان هذا إلى حده ولا يتعد  حد الأخر، لكن الثقافة الأن أنه لا أخر إنما يحي هو بمفرده فى العمل فى المواصلات فى الشارع هو فقط هو فقط، ثقافة الفردية تسرى فى دمائه، تجده يقف معك فى الصف الأول فى الصلاة وينصت لكلام الله و يردد الله الله، لكن إن حدثته عن أفعاله ينفر ويفر منك هاربا، يرفع صوته، يسبك يلعنك، لا تحدثه عن الدين فى المعاملة فالدين لله، والمعاملة للفهلولة، أعود للقطار لا تستطع المراة أن تركبه فى أوقات الذروة صباحا فإن كان لابد، فعليها أن تدخل من وسط جمع غفير قد وقفوا على الباب وكأنها فى عزاء والرجال من حولها يتلقونها، ثم إن إستطاعت العبور من وسطهم،  فعليها أن تمر وسط مكان ضيق أيضا يقفون فيه ولابد أن تحتك بأحدهم إذ لم يضايقها أخر عن عمد، فأخلاق الرجال فى الهبوط إلى رحمة الله، ولإن صارت تظل عيناها تبحث يسرة ويمنة عن مربع يضم إمرأتين ولإن وجدت هذا المربع اليتيم، فلن تحظى به فلابد أن النساء بنو سلالتها قد اتفقنا على أن يضعنا شئ أو يتحججن بحجج واهية كى يمنعوها من الوقوف فالجو حار وبوقوفها ستحجب الهواء هذا وستضعهن فى تأنيب ضمير طوال الرحلة لأن تقوم إحداهن وتجلسها، هكذا هى الفطرة السوية، لكن حرصا منهن كى لا يحدث كل هذا سيمنعنها من الأول وسيدلونها على مربع أخر، وبعض الرجال سيتعاطفون معها ويطلبن أن تدخل أى مربع وإن كان به رجال خوفا عليها من الوقوف فى الترأة وتعرضها للإيذاء لكل من يمر سواء كان عمدا أو سهوا، لكن هذا المربع يحوى على رجال نائمون منذ الفجر، نعم ربما أحدها يركب القطار من الفجر، لا أدرى كيف لم يشعر بالتعب بعد، فيقف وقت ويجلس الأخر ومن ثم يعاود إلى مقعده مرة أخرى وتسرى ثقافة الرحمة بيننا ، ستجد أن كل إثنين قد مد قدمه إلى الأمام واستحوذ على المكان، لتقف أمام أحدهم تيقظه فيتفاجئ بها ويقصر قدمه قليلا وهو طويل القامة لابد أن قدمه ستتعبه جراء تلك الجلسة، لكنه مضطر.

الثلاثاء

7 يوليو 2023ميلاديا