لقد نشأ طفلا ذكيا ومحب للمساعدة وتقديم يد العون بدء من والديه حيث كان يساعد أمه في أعمال المنزل وكذلك والده في أعماله البدوية التي يمارسها في أوقات  عطلته من عمله في المصنع ، وتطور ذلك حتى مع اصدقائه في المدرسة ،الذين كانوا يحبون سعة صدره حين يشرح لهم احد الدروس المستعصية الفهم عليهم ،فقد كان عماد تلميذا المثابرا يحب مدرسته وكذلك دراسته  ويملك إرادة عالية   فكان يحضر كل ساعاته ولا يتغيب مثلما يفعل بعض التلاميذ ، ويحرص على إنجاز المهام الموكلة إليه دائما في وقتها ،  ومصرا على النجاح  مجدا للوصول إليه .

هكذا استمرت حال عماد في كل مساره الدراسي حتى بعد أن أصبح شابا يدرس بالثانوية  ، فتضاعف مدح وثناء الأساتذة والمعلمين عليه وتشجيعهم المستمر له فضلا عن سمعته الطيبة وأدبه المعروف به بين صفوف التلاميذ والأساتذة فالكل كان يشهد له بذلك ،مما كان يزيد من فرح واليده به ويعزز فخرهم به، ويرفع كذلك من حقد وبغض تلك القلوب المريضة الحسودة ، فليس دائما من يرى منك الخير يبادلك نفس الشيء،وليست كل يد توضع على كتفك غايتها الرفع من همتك فربما كانت تبتغي إقتلاعك من جذورك وكسر أجنحتك التي تحلق بها عاليا. وهيهات أن تكون هناك ذرة حقد في قلب أحدهم عليك ،لا لشيء فقط لأنك تكافح من أجل حلمك ولا تحشر أنفك فيما لايعنيك وتعامل الناس بأخلاقك الحسنة التي تربيت عليها .

فذات يوم كان عماد يقف على حافة الطريق  ينتظر حافلة النقل المدرسي التي تنقله كل صباح إلى الثانوية ، بحيت ينتظرها كل يوم في نفس المكان ،ولكنه شعر بالملل  بسبب تاخر الحافلة عن موعدها المعتاد ، فأخذ يتمشي جيئة وذهابا وعقله شارد قليلا في أمور دراسته ويطمح أن يحصل هذا العام على نقطة جيدة في الإمتحان الجهوي، لكي ينال البكالوريا في العام المقبل بنقطة ممتازة ويترشح لمدرسة المهندسين .

استفاق من تفكيره العميق على أثر يد خشنة ملتصقة بكتفه وتجره بهمجية للوراء فإلتفت مصدوما ليعرف من أقدم على فعل ذلك بتلك الطريقة القاسية ، لقد كان شاب من إبن الجيران يحسده كثيرا ويبغض حب الناس له وقد تسبب له من  قبل في عدة مشاكل من سوء الفهم مع أصدقائه في الثانوية ،وبرفقته صديقه الذي لم  يكن اقل منه في الحقد على عماد  فلم يتركوا لهذا الأخير أي فرصة للكلام وباغاتوه بالضرب على وجهه وكامل جسمه ونشب شجار كبير بينهما وحده الطريق يشهد ما يحصل فلا أحد منهم كان يعي ما حوله ،أعميت أبصارهم وأصبحت آذانهم صماء ،ولم يكن لغير ذلك  المنظر المروع أن يجعلهم يستفيقون . 

منظر عماد المسجى على الأرض مغمى عليه وتسيل بعض  قطرات الدم من رأسه ،بسبب دفع  أحد الشابين له أثناء العراك وظهوره فجأة أمام حافلة النقل المدرسي ولم يستطع السائق التحكم في المكابح وصدمه ، كان منظره هكذا يبعث على الذهول والخوف .

إليكم رابط الجزء الأول