عماد شاب مغربي لم يتجاوز ربيعه الثالت والعشرين،يدرس بالجامعة ، بسيط الملامح ،وذو شعر أسود كثيف ، وعينان عسليتين ، ومتوسط الطول،ذو جسم رياضي ،وكان دائما يحافظ على أناقته وترتيب هندامه و تصفيفة شعر مميزة وثابتة لا يغيرها ، فكان يبدو بحلة أنيقة وجميلة فكل مرة .

لم يكن عماد بالشخص المنعزل ولا الإنطوائي بل على العكس من ذلك كان إجتماعيا جدا وسريع الإندماج مع الغرباء والأشخاص الجدد الذين يتعرف عليهم ، وهذا ما كان يفسر كثرة الأصدقاء حوله ، بالإضافة إلى حسن معاملته وخلقه الرفيع وشخصيته القوية المرحة مما يجعل الجميع يلتف حوله ،ليصبح بذالك في وقت وجيز محبوبا لدى أصدقائه ومعارفه ، إذ كانت قليلة هي المرات التي تراه غير مبتسم أو عابس الوجه ، كان يبدو وكانه ولد وفي فمه ملعقة من ذهب فلا مشكل يحجب عنه شمس يومه ولا رعد مرعب يذهب من خلاياه الطمأنينة والسكينة ، فهو دائما سعيد وفرح وكأنه لا يعيش في هذه الحياة ، هكذا كان يراه الناس مثل ألماسة لامعة جميلة تخطف الأنظار وتذهل العقول ، لكن ما من أحد فكر بأن يعلم بما خلف ذلك اللمعان وما سر ذلك الجمال ، وكيف حصل أن أصبحت هكذا بهذا البهاء والصفاء لتبهر الجميع .

عماد الشاب الذي جعله القدر في أسرة بدوية متوسطة الحال مسقط رأسها إحدى البوادي البعيدة عن المركز الحضري ، كان والده يعمل عاملا بسيطا في إحدى معامل المدينة ويتقاضى أجرا بسيطا يعيل به عائلته ويوفر لهم كل ما يحتاجونه دون ملل او كلل . وكان عماد أكبر أبنائه بين بنتين صغيرتان ، وهو الطفل الذي تمسك بالحياة وكتب له الله رؤية نور الشمس في ذلك اليوم الذي جاء والدته المخاظ المفاجئ ،ونقلها والده على وجه السرعة إلى المستشفى ، وهناك قال الطبيب المختص في التوليد أن حياة الأم ستكون معرضة للخطر بنسبة كبيرة إن ولدت ذلك الجنين وتركو القرار بيد والده لكن أمه ما كانت لتفرط بإبنها أبدا الذي إنتظرت قدومه تسعة أشهر كاملة بهذه السهولة حتى لو على حساب حياتها ، هكذا الأمهات في سبيل أبنائها تفعل كل شيئ. فقررت أن تلده في كل الأحوال والظروف ،تلقت معارضة صارمة من الطبيب والممرضات ،ولكنها كانت مصرةجدا على قرارها ومتمسكة بإبنها فلذة كبدها ومتشوقة لتراه وتأخذه في أحضانها ، وكأنها كانت تعلم أن إبنها يقاوم ويصارع من أجل ما تصارع هي أيضا وأن الله جعل له نصيبا في هذه الحياة. 

ولد عماد سالما بقدرة القادر ، وبمشيئته نجت والدته من الموت، فلاتدري ما يخفيه لنا القدر وحده الله يصرف الأمور كما يشاء.

هكذا كانت أول ذرة أكسجين تدخل رئة عماد ممزوجة بالكفاح والمقاومة حتى أخر نفس وعلى هذا المنوال ستسير حياته كلها

يتبع (تتمة)

ما رأيكم في هده القصة القصيرة من تأليفي ؟