ملحوظة
وحيدٌ و الرأس يُغري بالهرش والحك. يفتح صفحات ألبوم الصور ويقلب دون وجهة محددة. تأتي ابتسامة طفولية ثم تتبعها ابتسامة اخرى مع نظرة اشتياق. تأتي دمعة حنين, صوت الصمت يعلو في مساء هذا الليل ال يبدو طويلا. يستمر, تبرد القهوة و تنتهي السيجارة. كان قد وصل الى مكانٍ ما كان يتوقع ان يجده هنا. في منتصف ألبوم الصور القديم. وجد ورقة صغيرة مكتوب عليها: أحبك منذ أن كنا صغار!
شرد, و استرق صمتا طويلا. اخذه التفكير الى سنوات سبق. كيف لم ينتبه الى طيش المراهقة حينما يدخل في اقل التفاصيل.؟ سحب الورقة البيضاء الصغيرة بهدوء, طواها, اخفاها في قلب قلبه ومضى بعد ان اعاد ألبوم الصور الى كهفه المظلم. كان كل شيء ينتظره حتى لحده القريب ال جاثم كخيال قرب عكازة!
كلهم ذهبو ثم لم يبقى سواه... وألبوم الصور!
ـ ـ
مرآة
في عرينها الصغير, اعتادت ان تمشط هذه الخصلات النحيلة كل مساء. شعرها ال ما زال محتفظا ببريقه ورثته عن اسلافها القدامى كما ورثت عادة التمشيط أيضاً. لطالما, حينما كانت صغيرة, كانت تنظر بإنبهار الى جدتها وهي بكل كبرياء المرأة الحكيمة, تنهض كل مساء لتأتي بالمشط الخشبي و طاسة المياه. تجلس هكذا, تغمض عينيها وتشرع في تسريح شعرها وكأنها تهمس له بأجمل أبيات الشعر والغرام. كانت لحظات من حب ما شهدت لها مثيلا من قبل في كل حياتها وحتى حينما انغلق عليها الباب مع من صار يدعى ب الزوج.
مرت السنوات. وها هي في اللاشعور كانت تسير على خطى جميع النساء الآتي سبقنها هذا الطريق. جاء دورها الآن لكي تتغزل بشعرها الأسود في مساء صامت. بعد ان ذهب الجميع وغادروا بلا اي أمل بالرجوع!
,
حلم
أسفل الوسادة تنام وردة. زهرة بيضاء مجففة مطوية بعناية اصابع ماهرة تعرف كيف تجدل من الساعات ابداع الجمال. العطر آخاذ و يكاد يغمر كل زوايا الغرفة الصغيرة المعدة خصصيا لكي تعيش هنا. هذه الأميرة النضرة الناظرة من خلال النافذة ومن خلال الوسادة الى ذلك اليوم التي تجتمع فيه مع المُنتظر. ماذا يفعل الآن يا ترى؟ ولمَ لمْ يرسل تحية المساء لكي يطمئن قلبها وتذهب في رحلة جديدة الى حلم وردي آخر تكون فيه: أجمل نساء الكون!
,
عربة
قدماي تؤلماني, ما تعودت السير طويلا لكي احصل على ما اريد. اراني هذه الايام وانا على غير الحالة التي اعتادني بها. قد دخل بي مرض خطير واكاد لا اشفى منه. هو القدر. اقول لي: مجذوب من كل مكان في غرفة الروح والجسد, متعلق وهذه السلاسل تكاد تجردني من كل ما لدي من منطق. امامها, وفقط امامها, اعرف ان في عينيها ينمو هوسي بالمستقبل القريب. في حال فقط, توفر لدى العائلة ما يكفي من موارد لسد افواه الجميع..... حينها, نكون قد انجزنا المهمة.. حينها فقط يستريح القلب و نطوي السراج ... حينها فقط أصير ككل رجال الحي!
,
شوكولاه
بعد ان انتهى العرض الكارتوني, و أُطفئت أنوار المنزل جميعها, ماذا يفعل الولد الشقي ال يمتلك طاقة العفاريت الخضر منتصف الليل؟ كيف له ان ينام وهو يحلم ب كرة يركلها بقوة النسر ف تصطدم بركبة الفتاة, تلك ذات الضفائر الجميلة والعينين اللوزيتين الخلابيتن ال تقف تشاهدهم وهم يمارسون الجري والعدو لساعات وراء الظلال.
,
أمي
ربما كنتُ ضجرة, بسيطة ومتواضعة. ولكن هناك شيء واحد فقط اريده واحتاجه على وجه الأرض. هو ان تسمح لي أمي ان اكون برفقتها وهي تعد طعام الغداء لنا. ليس ذنبي انني احيانا أسرف في وضع الزيت وأسهو ف اكسر طبقا او ادلق علبة الملح. هي امور جميلة اراها, رغم ان الطعام يصير الى الزبالة ولكن من منا يشعر بذلك الجوع وهو يمضي اجمل الاوقات؟
لذا اقف هنا انتظر والدي لكي يعود. فأستطيع حينها أن اتأبط كفه واعود لأرى ما اعدت امي من طعام. فنعبث قليلا قبل ان يأتي الليل وننام... أمي, ذلك المخلوق الهزيل المُتَعب الذي يجبرني على الانتظار.
أحمد
