أيا أهلا أصدقائي الحسوبيين، هذه قصة قصيرة كتبتها و أرجو آراءكم عن الحبكة و الأسلوب و لما لا نصائح أيضا

توقف، توقف، إني أراها، أراها، أراها واقفة هناك بكبريائها المعتاد: إنها أنا كما أعرفها. عجبا! لماذا تقفز في البحر ؟؟

نهضت مرعوبة، تكاد عيناناي تقفزان من مكانهما، خرجت من المنزل، أجري لا أعرف أين. إن البحر يخنقني، نفس البحر الذي تأملته طويلا و أحببت هدوءه و جماله.

كفى، كفى، استيقظت ثانية. كابوس مرة أخرى ؟؟ ما الذي يحصل لي؟ لما كل هذه الكوابيس؟ نعم، شيء كذلك؛ حياة أخرى و هدوء غير موجود. لكني هنا و لا مفر، يجب أن أفكر. و عقلي المشوش؟ انسيه. أنسى عقلي و أقفز من جبل لأرتطم بالبحر مرة ثانية. عجيب؛ إنه هذه المرة ينقذني. أسبح إلى الشاطئ. هل نجوت؟

أحاول أن أستيقظ، لكن لا أستطيع. أين أنا؟ أنظر لأعلى، إلى قمة الجبل من حيث هويت، و أراهم، مخيفين كالعادة؛ هواجسي تطل علي. لكن لماذا تبدو حزينة هذه المرة؟ ألأنني نجوت منها و عدت للبحر؟ . . أنطلق ثانية، أركض إلى حيث لا أعرف، أحاول أن أجد مخرجا. تكاد سيارة تصطدم بي لكنها تتوقف في آخر لحظة. من أين خرجت؟ ثم تختفي فجأة كما ظهرت. أواصل الركض كمجنونة، لا أعرف إلى أين، أركض فقط. أتعثر و أنهض ثم أكمل الركض. . أركض حتى أتعب و أهوي على الأرض، يتمرغ وجهي في التراب، و أبكي، أبكي، أبكي . . . أقف مرة أخرى. أجد أمامي صديقتي، أفرح و أمسح دموعي، أعانقها و تعانقني. لكنها تعانقني بشدة حتى تكاد تخنقني. أقول لها أني لا أستطيع التنفس لكنها ترد بأنها تحبني و أني صديقتها المفضلة و تضغط علي بشدة. أختنق ثم أهوي في حفرة تحت قدماي، أرى أمي، تأتي نحوي، تصفعني و تذهب، لماذا؟ لكن البحر يظهر أمامي مرة أخرى و على شاطئه تشكلت حجرة على شكل كلمات: ''إنها تريد مصلحتك، تريد إيقاظك'' لماذا سأستيقظ؟ إن عزيزي البحر أمامي، هذا كل ما أريد، أن أرتمي في أحضانه و أغوص. فأغوص، لكنه يلفظني على الضفة الأخرى. يا إلهي! إنه مجرد نهر هادئ. أصرخ، أصرخ بأعلى صوتي، كأني أريد أيضا أن ألفظ البحر داخلي، كأن صراخي سيرتب كل شيء.

أستيقظ فجأة و أجد أمي أمامي جالسة على سريري و الخوف في عينيها:

- لماذا تصرخين عزيزتي؟

- رأيت كابوسا . . فقط.

- لا عليك حبيبتي. أنت لا تزالين متأثرة بما حصل. عودي للنوم.

تقبلني تغطيني و تذهب.

لا أزال متأثرة؟ أجل، لا أزال متأثرة؟ و لا زلت لم أستوعب بعد كيف استطاعت فعل كل ذلك كأننا لم نكن يوما صديقتين يضرب بهما المثل في الصداقة. لا أستوعب كيف خانتني و سرقت كل أعمالي، تلك الأعمال التي أفنيت شبابي لتصميمها. أبكي، بهدوء هذه المرة، و تبلل الدموع وجهي و وسادتني. الماء يذكرني بالبحر، بعينيها الزرقاوتين.

و ماذا بعد؟ ماذا بعد؟ ماذا سأفعل الآن؟ هل أنتقم منها؟ . . لا

فلأدعها، لقد انتهت علاقتنا فقط. و تصاميمي؟ سأعيد أخرى أفضل بكثير. لن أضيع الوقت، سأبدأ من فوري.

بقي أسبوع على نهاية المسابقة، تلك المسابقة التي حلمت طويلا بأن أقبل فيها لأعمل بأشهر شركات التصميم. حلمي الذي سعيت بكل جهدي لأحققه، و هي كانت تعرف ذلك، هي . . لكن لا، سترى كيف سأفوز.

. . .

اليوم موعد عرض النتائج. أجل، أجل، لقد فعلتها و سلمت التصاميم قبل الموعد بدقائق. لا زلت أذكر الصدمة في عينيها ، هي المتقدمة بتصاميمي. ثم يأتي المشرف و يعلن قبولها لهذه الوظيفة. و أنا أصعق، أغوص في مقعدي. تنظر إلي بعينيها كالبحر و تبتسم.

أعود لمنزلي ببطء، و حزن كالبحر في قلبي؛ لقد فشلت. لا أستيقظ من ذهولي إلا على صوت سيارة كادت تدوسني. يطل سائقها، يشتمني. لكني لا أهتم و أكمل طريقي. ليته صدمني، ليتني مت.

لا، لا، لا يزال أمامي ما أفعله بعد في هذه الحياة.

. . .

أبتسم و أنا أتذكر كل هذا، كان ذلك قاسيا لكن لو سُئلت الآن فإنه أفضل ما حصل لي. طَرق على الباب:

- تفضل

- سيدتي، جاءت امرأة بخصوص مقابلة العمل.

- آه تذكرت، فلتنتظرني، أنا قادمة.

أعيد النظر في أرجاء الغرفة، فخمة و أنيقة. و على مكتبي الزجاجي، أدير تلك البطاقة المزخرفة لأقرأها ثانية: ''المديرة''. أجل، لم أعد أطمح للعمل بشركة مرموقة، لقد بنيت شركتي بنفسي، شركة ضخمة لها وزنها بالسوق، بل و تنافس تلك الشركة التي كنت أريد العمل بها. أبتسم، أتذكر تلك المرأة فأذهب إليها.

أدخل و أراها جالسة، هي، هي نفسها بعينيها الزرقاوين كالبحر. تراني، تصدم، تقف مرعوبة و أسمع صوتها المرتجف: أنت؟

أجل أنا، أنا بكامل كبريائي، أنا كما كنت دائما.

أعود أدراجي و أطلب من السكرتيرة صرفها و إخبارها بأنها غير مقبولة. لا، لا، أنا لا أسعى للانتقام منها، و لا أسخر لأنها طردت من الوظيفة التي خسرتني لأجلها. إنما لا أستطيع توظيف امرأة خائنة، سارقة و أنانية.

أعود إلى مكتبي، أجد أمي بانتظاري، أتخيلها تقول:

- حبيبتي، ألا زلت لا تريدين الاستيقاظ؟؟