في كل مساء، حين تنحني الشمس خلف الأفق، تتسلل خطوات "ليلى" بهدوء إلى أطراف المقبرة القديمة. لم تكن تزورها حدادًا ولا خوفًا، بل لأنها تجد هناك السكون الذي فقدته بين الأحياء.

كانت المقابر صامتة، لكن قلبها كان يعجّ بأصوات الذاكرة. هناك، عند الضريح الثالث من اليسار، اعتادت أن تجلس وتحدث رجلاً لم يعرفه أحد، ولا تحمل القبور اسمه. تقول إن روحه لم تجد قبرًا، لكنها وجدته هناك… بين تلك المقابر.

في ليلة شتوية، اشتد المطر، وجاءت الرياح كأنها تحمل رسائل من العالم الآخر. تأخرت ليلى عن العودة، وأصبح الصباح دون أن يراها أحد.

حين زارها الناس بحثًا عنها، وجدوا على الضريح الثالث وردةً حمراء جديدة، ووشاحًا صغيرًا مبللًا، ولكن لا أثر لليلى… كأنها أصبحت جزءًا من الصمت، من التراب، من الحكايات التي لا تُروى إلا همسًا…