عدنا إليكم من جديد، غالبًا قد بدأت تلاحظ إنتشار شركات جديدة في سوق الهواتف الذكية لم تسمع عنها من قبل بضعة سنوات، مثل شاومي xiaomi وهاواوي -واوي إن أردنا الدقة- Huawei وانفنكس والكثير من الأسماء الغريبة على مسمعك حيث أن علاقتك بالهواتف المحمولة تكاد تقتصر على هاتف نوكيا 1280 القادر على النجاة من اختبارات العض والضرب والسب والقذف -باتجاه الحائط أو من الدور السابع- والماء والنار وتقريبًا كل شيئ، أو أنك رجل عصري تحب مواكبة الموضة وتطلع على أحدث أخبار التقنية وتعرف شركة سامسونج وبطارياتها الغريبة وانذار "البطارية 10% اشحن الهاتف" وبعدما تذهب لجلب الشاحن وتعود تجد أن الهاتف قد مات، أو أنك غني مازوخي لا يشعر بالأمان إلا اذا تأكد أن هنالك من يتحكم فيه ويخبره ما يمكنه فعله وما لا يمكنه فعله وأشتريت هاتف من هواتف أيفون صغيرة الشاشة التي لا تحتوي على بلوتوث ولا أي وسيلة من وسائل التواصل مع العالم الخارجي ولو أستطاعوا أن يحذفوا خاصية الوايفاي للتوفير ورفع سعر الهاتف أكثر سيفعلوا ولكن للأسف يحتاجونها للتجسس على معلوماتك الشخصية.

نعود لموضوعنا، كيف تبيعك هذه الشركات الصينية هواتف بمواصفات عالية وأسعار رخيصة بهذا الشكل؟ هل هنالك خدعة ما؟ هل يبيعون "حاجات صيني"؟ هل هو مخطط صيني ماوتسي؟

شركة شاومي شركة صينية أصدرت أول هواتفها الذكية في شهر أغسطس من عام 2011 تحت مسمى Xiaomi Mi 1 حيث حصل على أكثر من 300 ألف طلب مسبق من مستخدمي الهواتف المحمولة في الصين في أول 34 ساعة من الإعلان عن الهاتف الجديد(1)، واستمرت الشركة بإصدار هواتفها التي تتميز بالمواصفات العالية والسعر الرخيص حتى أصبحت أكبر شركات الهواتف المحولة في الصين بحلول عام 2014، ورابع أكبر شركة للهواتف الذكية على مستوى العالم(2)، وبعد سلسلة النجاحات هذه بدأت بتصنيع الأجهزة المنزلية الذكية وبيعها عبر امازون لتدخل سوق الأجهزة الذكية من أوسع أبوابه، بدأت الشركة التوسع خارج الصين في عام 2014، في عام 2017 أصبحت أكبر علامة تجارية للهواتف الذكية في الهند مزيحة العملاق الكوري سامسونج عن عرشه.

هذا كان استعراضًا سريعًا لإحدى أنجح شركات الهواتف المحمولة التي بدأت في الصين وتوسعت لباقي أنحاء المعمورة حتى وصل إحدى هواتفها إلى يدي وأستعملته لمدة سنة حتى الآن بلا أي مشاكل تذكر مع مساحة كبيرة من الحرية لا توفرها أغلب شركات الهواتف الذكية، والآن لنتعرف على بعض أسباب نجاح الشركات الصينية في سوق الهواتف الذكية وبعض هذه الأسباب قد تفسر لنا سبب نجاح أي بضاعة صينية تقريبًا.

العمالة الرخيصة

واحدة من أشهر أسباب إنخفاض أسعار الهواتف الصينية هي إنخفاض أجور العامل الصيني، وهذه ميزة لا تستفيد منها الشركات الصينية وحدها بل تقريبًا كل شركات الهواتف المحمولة بما فيهم أبل، حيث تقوم بتجميع أجزاء هواتفها في الصين بينما تصنع تلك الأجزاء في عدة اجزاء مختلفة من العالم مثل كوريا وتايوان واليابان والصين والولايات المتحدة وألمانيا(3)، معتمدة على العمالة الرخيصة الوفيرة في الصين، حيث تتميز الصين بوجود الكثير من الخبراء مما يعطيها القدرة على إنتاج هواتفها الذكية بنفسها حيث أنها بالفعل خبيرة في عمليات التجميع وتصنيع بعض الأجزاء، وهكذا قامت الشركات الصينية متسلحة بميزة أكبر وهي عدم حاجتها لدفع الجمارك لنقل القطع داخل الصين ثم تجميعها ثم نقلها للخارج لأنها شركات محلية، وهي ميزة كبيرة جدًا أضف لذلك سوق ضخم متعطش دائمًا للمزيد وحكومة تدعم الصناعة المحلية بكل قوتها وخبرات تراكمت نتيجة عمل سابق مع شركات أجنبية من كل أنحاء العالم.

قطع جيدة لكن ليست الأفضل

نسنخدم معظم الشركات الصينية قطع معروفة ثبت نجاحها بالفعل، قطع جودتها جيدة لكنها ليست أفضل ما يوجد على الساحة حيث أن أولويتهم هي الحفاظ على سعر مناسب دائمًا، فعادة ما تجدهم يستخدمون معالجات ميدياتك الرخيصة نسبيًا ويزداد رخصها رخصًا لأن موطنها الأصلي الصين فلن يحتاجوا للإستيراد من الخارج ودفع الكثير لنقل المعالجات للمصانع، شاشات ورامات رخيصة نسبيًا من كوريا واليايابان حيث يميلون لإستعمال رامات DDR3 بدلًا من DDR4 مصنوعة في الصين، حساسات كاميرا من سوني، وأي شيئ رخيص و"يمشي الحال".

الإعتماد على المتاجر الإلكترونية

بينما تميل الشركات الضخمة مثل سامسونج وأبل لبناء متاجرهم ومراكز توزيع في جميع أنحاء المعمورة، مما يزيد تكلفة الهواتف حيث ستدفع سعر الهاتف وسعر التوزيع على المحلات، تميل الشركات الصينية للإعتماد على المتاجر الإلكترونية مثل أمازون وسوق.كوم وجوميا وغيرها من المتاجر التي تربط بينهم وبين المستخدم بشكل أفضل وأسرع وأسهل وارخص.

الهاتف يعتمد على نفسه (لا تسوق له)

أغلب الشركات الصينية لا تحاول جاهدة التسويق لهواتفها الجديدة مما يوفر عليهم الكثير من المال، فنادرًا -أو كان نادرًا- ان تجد إعلانات لشاومي وهواوي مثلًا مقارنة بأبل وسامسونج اللتان تنفقان مبالغ طائلة على الإعلانات وحملات التسويق على التفاز ووسائل التواصل الإجتماعي، وهذا يرجع لأن هذه الشركات أصلًا لها زبون دائم -سوق ضخم في الصين والهند مثلًا- وعدم حاجتها لإقناعك بشراء الهاتف، ستريد شراءه لأنه رخيص جدًا وجيد جدًا، على الأغلب ستسمع اسمه في أحد مقاطع اليوتيوب التي تفاضل لك بين الهواتف المعروضة على الساحة، ولكن في الآونة الأخيرة بدأت الشركات الصينية أيضًا في إنفاق بعض الأموال على الإعلانات لكن قارن بين إعلان بسيط لبضعة ثوان يعرض مميزات الهاتف وإعلان لسامسونج اس 6 بصوت جورج داوني، أو إعلان لهواتف سوني في افلام جيمس بوند

اشتري قبل نفاذ الكمية

حيث أن الشركات الصينية تعتمد على الأسواق الإلكترونية فهي على الأغلب تعتمد على فكرة "اشتري قبل نفاذ الكمية" والتي لا تنفذ حقًا، وهي فكرة تسويقية رائعة بحق ودائمًا ما تنجح، فقط نزل عدد محدود إلى السوق، ولنقل مليون نسخة، وضع في إعلانك أو على موقعك بخط أحمر كبير أن هنالك مليون نسخة فقط، وستنفذ فورًا، لكنك لا تحتاج فعلًا لتصنيع المليون نسخة، فقط اجعل الزبون يعتقد أنه آخر من يشتري وأنه محظوظ جدًا وستحصل على مبيعات مستمرة للأبد.

لا أكسسوارات اعتمد على نفسك

أشتريت هاتف شاومي ريدمي 4x وجاء مع العلبة شاحن ودبوس وورقتين، تقريبًا لو إستطاعوا حذف الورقتين لحذفوها، المهم هو أن توفر مالك، سنوفر لك مالك وأشتري أي سماعة من الجحيم أو من المترو ب5 ج، اعتمد على نفسك واشتري أكسسواراتك!!

الإهتمام لا يُطلب

عندما كنت استخدم سامسونج لا أتذكر يومًا أنني حصلت على أي تحديث، ربما 1 طوال سنوات استخدامي ال7 لهواتف سامسونج، بينما هاتف شاومي الذي أملكه الآن تحديث كل مدة للنسخة العادية من النظام، بينما نسخة المطورين تحصل على تحديث أسبوعي، ويمكنني عمل روت وريكوفري بموافقة الشركة بشكل كامل، وتحميل رومات كما أريد، والكثير من الحريات، فعلاً الإهتمام لا يُطلب.

الملخص

الشركات الصينية ليست شركات خارقة، ولا الهواتف الصينية بذلك السوء، اختيارك هاتف من سامسونج أو شاومي أو هواوي يعتمد في النهاية على إستعمالك، ستجد خبرة وعراقة في شركة مثل سامسونج ودعم كبير، وستجد أسعار وجودة جيدة في شركات مثل شاومي، ليس لأن أحداها جشعة والأخرى شركة خيرية، بل كلٌ له ظروفه، وكلٌ له مميزاته، رغم أنه قد تتفوق يومًا الشركات الصينية على نظيراتها إلا أنها ستواجه عدة تحديات من بيئة العمل وعدم الرغبة في المغامرة واختراع تكنولوجيا جديدة -نتيجة أن ربحها هو أقل ما يمكن أصلًا- دون رفع أسعارها وتحديات جيوسياسية والكثير من وجع الرأس، لكن حتى يأتي ذلك اليوم سأستمر باستخدام هذا الهاتف اللعين إلى أن أغتني وأجن وأشتري هاتف أيفون لا فائدة منه على الإطلاق أو تتطور الهواتف الآسيوية أو نصنع هاتفًا عربيًا سعره مناسب، وأنا صراحة لا أؤمن بحدوث المعجزات.

جزء كبير من المقال مستقى من هذه المقالة الجميلة

______________________________________________________-

1-

http://www.penn-olson.com/2...

2-

3-