لقد غَدت التّكنولوجيا في عصرنا الحالي جزءًا لا يتجزّءُ من حياتنا اليومية، فتدخل في الدّراسة، العمل والتّرفيه عن النّفس إلى التّواصل بين الأفراد بالرّغم من البعد الجيوغرافي، ولقد أدّى هذا الإنتشار الكبير للتقنية في حياتنا إلى التّأثير فيها بشكلٍ كبير نتيجةً للاستخدام المستمر فمسّت بذلك عاداتنا وسلوكاتنا اليومية فأثّرت فيها إيجابًا من جهة وسلبًا من جهةٍ أخرى! فأين يكمن هذا التّأثير؟!

يمارسُ الفرد منّا عاداتٍ يومية مختلفة فعادةُ التسوّق عبر الأنترنت مثلًا شهدت في السّنوات الأخيرة إقبالًا كبيرا، خاصّة في فترة الجائحة وتفشّي وباء كوفيد19، وإنتعشت هذه التّجارة فإن نظرنا للجانب الإيجابي للتقنية هنا نجدها قد ساهمت في الحدّ من إنتشار العدوى في محلّات البقالة والمراكز التّجارية فلم يعُد الشّخص بحاجةٍ للخروج من منزله للتسوّق، وإن نظرنا لدور وسائل التّواصل الإجتماعي من مواقعَ وتطبيقات مختلفة ربطت مختلف شرائح المجتمع وأبقَتهُم على إتّصالٍ دائم.

من فوائد التقنية كذلك، أنّها تُساعدنا على إدارة أوقاتنا وأعمالنا وتُساهم في الإنتاجية، عبر تطبيقات مخصّصة لذلك ك ToDoList، Pomodoro و Slack وغيرها.

لكنّي لا أدري كيف أصفُ الأمر، أجدُ أنّ التكنولوجيا تأخذُ من الإنسانِ أكثرَ ممّا تُعطيه، فصحّته ووقته ضائعان في تطبيقات الهاتف الذكي الذي جعل من حياةِ الفرد منّا كمن هو غارقٌ آناءَ اللّيل وأطراف النّهار داخلَ ثقبٍ أسود يسرقُ منّا أحلامنا وأهدافنا وحياتنا تدريجيّا، فالإفراط في التصفّح يضرُّ بالعينين ويُضعِف البصر، كما قرأتُ أيضًا أنّه يقلّلُ التّفاعل الواقعي وجهًا لوجه، ولا يختلفُ إثنان عمّا تُسبّبُه مواقع التّواصل من مشاعر المقارنة بين النّاس فيُشعرون أنفسهم بعدم الكفاية وهذا ما ينجمُ عنه جلدُ الذّات وعدمُ إحترامها.

التّركيز في ظلّ التكنولوجيا يكادُ يصبحُ منعدِما فلا دراسة ولا عمل وتلك الإشعاراتُ ترِنُّ من كلِّ جانب فلا مهامَ تُنجَزُ في وقتِها ولا راحةً نفسيّةً نغنمُ بهَا، وحتّى التسوّق الإلكتروني أظهرَ إحصائيّات مختلفة أنّ بعض الزّبائن أصبحوا يقتنون منتجاتٍ تافهة وغير ضرورية، فنقرةُ زرٍّ واحدة وسط مشتّتات التّركيز تُذهب للعقل وعيهُ وإدراكه بقيمة الأموال الرّقمية التي يملِكُها.

رأيي بين ذاك وذاك، أنّهُ من المهمّ أن نكون على دراية بكيفية تأثير التّكنولوجيا على عاداتنا اليومية، وأن نعِي كيف نستخدمُها فيما هو نافع لا فيما هو ضارُّ، فهي سلاحٌ ذو حدّين وأذكُر بعض الخطوات التي قد تُساهمُ في ضبط إستخداماتها:

  • تحديد أوقات محدّدة لإستخدام مختلف التّطبيقات خلال النّهار.
  • عدم ترك أنفسنا لعبةً في يد مواقع التّواصل الإجتماعي طيلة اليوم.
  • إستخدام تطبيقات معيّنة للحدّ من عوامل التّشتيت المختلفة.
  • إستعمال تطبيقات اللّياقة البدنية، قراءة القرآن، البودكاست وغيرها.

بشكل عام، تتمتّع التكنولوجيا بالقدرة على تعزيز عاداتنا اليومية، ولكن من المهم إستخدامها بطريقة متوازنة وواعية، من خلال إدراكنا لتأثيرها واستخدامها لصالحنا، حينها يمكننا تحقيق أقصى إستفادة من التقنية، فما رأيكم؟ هل يمكننا إستغلال التّكنولوجيا للتّحسين من عاداتنا اليومية أم أنّنا أصبحنا ضحيّة إدمانٍ لا مفرّ منه؟!