أنا أكره تضييع وقتي على Youtube Shorts لكنِّي أضيّعه هناك على أية حال!

الفيديوات القصيرة مُصمّمة بذكاء لتستهويني، مقاطع قصيرة من مسلسلات وأفلام شاهدتها، مهارات كريستانو رونالدو الذي أحبّه، بعض الفيديوات الذكية لجوردان بيترسون ومن على شاكلته. سئمتُ من هذه المقاطع، كيف تجذبني لفخ مشاهدتها كلّ مرة؟

حاولت أن أعدِّل الخوارزمية لأسبوع، حتّى أقلّل من الفيديوات غير المفيدة، وبدلًا عن ذلك أحاول أن أروِّض الخوارزمية لتعرض لي أشياء مُفيدة، مقاطع من مفكّرين، مقاطع دينية تشحنني بشيء من التقوى في ثواني معدودات.

ألا نستطيع أن نروِّض الخوارزميات لخدمتنا؟ بدأتُ عملية الترويض، وكانت معركة شاقّة.

على جبهة العدو، وضعتُ "لا تقترح لي هذه القناة" على كل فيديو قصير لا أريده. تجنَّبتُ وضع زر "عدم الاعجاب" لأنِّي لا أثق بيوتيوب، لعلّها ستقترح لي مثل هذا المحتوى ظنًا منها أنّه سيستفزني ويُبقيني على المنصّة لأطول فترة ممكنة.

وعلى الجانب الآخر، بدأتُ بالبحث عن اسماء محتويات مفيدة، وذهبتُ لفيديواتها القصيرة، ووضعتُ إعجابًا.

بعد أسبوع من عملية الترويض، أصبحتُ أرى تقريبًا 8 فيديوات من التي أريدها، وفيديوين من الفيديوات القديمة غير المفيدة.

وما اكتشفته كان مثيرًا للاهتمام حقًا، كان اكتشافًا فتح بصري على ما يحدث، لقد كنتُ ضالًا!

أكشتفتُ أنِّي أحاربُ صناعة عالمية، صناعة صرفت ملايين الدولارات على المهندسين والخوارزميات، لتجعلها أكثر ادمانًا للمستخدمين، لتستحوذ على انتباههم. وجئتُ أنا، أحارب هذه الصناعة، بسلاح قد صنعته هي لي؟! ضلالًا ما أُتيحَ من الضلالِ!

حينما صرفتُ الوقت لجعل مقاطع يوتيوب القصيرة مفيدة، كان سيظهر لي 8 من كل 10 فيديوات مفيدة، و2 فيديوات منوَّعة، لا تكون مفيدة عادة، لكنّها تستحوذ على الانتباه.

وعندما أتفقَّد ما في هذين الفيديوين، ستعدُّ الخوارزمية هذا اهتمامًا منّي، صرفتَ وقتًا أطول على هذا الفيديو إذن أنت تحبّه، سنعرض لك 3 منه بدلًا من 2 من كل عشرة في المرّة القادمة، وفي كلّ مرّة، يزداد معدّل الفيديوات غير المفيدة إلى أن تستولي وتستعلي!

كأنّي -والمجاز يميلُ للواقع- أحاربُ وحشًا بسلاح أعطاه هو لي، وعندما أقطع رأسه، ينمو له رأس من جديد. يا ضلالة الساعي ويا بُعدَ المسعى!

أكتشفتُ أنّه ليس هناك من حلّ لتروِّض الفيديوات القصيرة لصالحك. تزداد نسبة نجاحك حين تحاول ترويض يوتيوب ذا المقاطع الطويلة، لكن نسبة النجاح هناك أيضًا ستعتمد على قوّة إرادتك في تجنّب فتح الفيديوات المُستفزّة قليلة الفائدة.

والحل؟

الحل ليس في التعامل مع التكنلوجيا من منطلق "أي فائدة". الحل يكون باحتضان فلسفة خاصّة للتعامل مع المحتوى الرقمي.

حينما كنتُ أقول 8 فيديوات يوتيوب مفيدة و2 غير مفيدة، ألم يعترض عليّ أحد؟! هل هناك فيديو مفيد طوله 30 ثانية؟! نسبة كونه كذلك قليلة للغاية.

الحل يكون بأن تستخدم التكنلوجيا وأنت تعرف ما تريد منه، لا أنت تستخدمك هي، وأنت تحاول أن تجد الفائدة في أثناء استخدامها لك. وهناك فارق كبير بين الأمرين!

نحتاج إلى فلسفة للتعامل مع العالم الرقمي، فلسفة يفرض فيها المستخدم ما يُريد من المنصّة، لا العكس.

روابط مفيدة.

مقال بعنوان: "التركيز بعمق في عالم تحفّه المشتتات" وهو من أكثر مقالاتي قراءة على موقعي، دمجتُ فيه أفكار عدّة كتب في التركيز والتعامل مع العالم الرقمي.

مقال بعنوان: "خمس نصائح تقنية صغيرة تصنع فارقًا كبيرًا" أضع نصائح مبعثرة مُستقاة فلسفة المقال الأول

مقال بعنوان: "أوباما يريد لخوارزميات التواصل أن تكون معتدلة، هل هذا مُمكن؟" أتحدّث عن خوارزميات المواقع، وصعوبة ترويضها، مقال مناسب للقراءة بعد الذي قرأته الآن.