يحتوي المسلسل على أسرة تعيش فاجعة حيث يجدوا أبنهم المراهق متهم بجريمة قتل لواحدة من زميلاته وتنهمك الأسرة في محاولة حل مشاكلها ولكن لفت نظري مشهد جارة تعيش حياتها بالكامل بساحة المنزل الخارجية للتلصص بشكل فج على كل ما يقوم به العائلة ومعرفة كل ما يقومون به كنوع من التسلية ، وهو النموذج الذي نقابله جداً في الحقيقة في العمل أو مع الجيران أو حتى في وسائل المواصلات (لا أحد يحترم خصوصيتك) أتذكر جارة كانت صديقة لجدتي منذ أن كنت بعمر 20 عام وكانت تسأل على الدوام هل تزوجت هل خطبت ولما لم تتزوج هل لديك مشكلة ؟ هل تعمل ؟ لما لا تعمل ؟ هل لديك مشكلة؟ قد تبدو تلك الأسئلة الفضولية بدافع الاطمئنان حتى تعرف أن أدق تفاصيل حياتك يعرفها كل من بالحي تقريباً .. والأسوأ هي تلك النظرات التي تلاحقك كلما حاولت فعل شيء ما حتى لو بسيط ! تلك الدرجة التي جعلتني مع الوقت أرفض الاختلاط أكثر وأكثر لكونها تغلف إختراق الخصوصية باجتماعيات زائفة فمن يبدو ظاهرياً يسعى للإطمئنان على حالك هو بحقيقة الأمر يتلصص عليك لمحاولة معرفة نقاط ضعفك وهو ما يدفعني للتساؤل كيف تتصرف مع الجيران أو الأشخاص المتلصصين؟
كيف تتصرف مع الجيران أو الأشخاص المتلصصين؟ مسلسل Adolescence
بالنسبة لي الأمر يختلف بشدة حسب طبيعة علاقتي مع الشخص، فاذا كان شخص في المواصلات لا اعرفه مثلا فرد فعلي يكون وقح بعض الشيء، لكن اذا كان احد اقاربي او جيراني فغالبا احاول الخروج من النقاش بدون الاجابة على الأسئلة، وأحيانا ارفض الاجابة على أسئلة ليس لدي مانع في الاجابة عليها عموما كنوع من وضع الحدود لكي يعلموا أنني لا أحب التدخل في شئوني الشخصية، ولكن مع الاصرار تزداد حدة ردودي بعض الشيء
أعتقد أن تلك وسيلة الخروج هي الأذكى فأنا أقوم بالمثل .. ولكن لدي مثلاً صديق لحوح ويصر أن يضع نفسه بمثابة أخ كبير لي فيتدخل بشكل مفرط ويتلصص بشكل مفرط (غير مقصود) أو ليس بهدف الإيذاء ولكن بهدف الحماية ، ولا تفلح معه كل طرق الإحراج اللبقة والدبلوماسية ، وحتى الوضوح في أن هذا يسبب لي الضيق (لا يأخذ طلبي بمحمل جد) بل يظن أنني غير ناضج بما يكفي لأعرف أن تدخله هو الأمر الصحيح .. فماذا تفعل لو كنت مكاني؟
هذا شائع جدًا في قرى الأرياف، حيث الخصوصية تُعتبر شيئًا ثانويًا أمام الفضول الجماعي، لكن ما يزداد غرابة هو أن البعض لا يكتفون بالمراقبة من بعيد، بل قد تجدهم يدخلون منزلك دون استئذان وكأن الأمر عادي تمامًا خاصة إذا لم تضع حدودًا واضحة منذ البداية، أذكر أن لدينا قريبًا أتى لزيارتنا، وفوجئت به يدخل إحدى الغرف دون أي استئذان بحجة الاطمئنان على أحد الأشخاص، وساعتها الكيل فعلاً كان فاض بيا، وواجهته بكلمات حازمة أحرجته ولست نادمة على ذلك أبدًا، لأن السكوت على هذا النوع من السلوك يعطيهم ضوءًا أخضر للتدخل أكثر، ولا يوجد حل سوى الردود الصريحة والواضحة التي تشعرهم بأن الخصوصية خط أحمر.
ما فعلتيه رغم أنه تصرف جريء يعجز الكثيرين عن فعله ، ولكنه تصرف صحيح ، وبالفعل الأرياف يتدخلوا في تلك التفاصيل لكونهم يشعروا من داخلهم كما لو أنهم جميعاً أسرة واحدة تهتم لبعضها البعض ، وهو مفهوم صحيح وطيب وله أصل ديني ، حيث أوصى النبي محمد (ص) بالجيران ، ولكن المتطفلين يستغلوا الأمر للتمادي في تدخلهم الفج ليبدو ظاهرياً بدافع الاهتمام ولكنه بحقيقة الأمر بهدف التجسس والتطفل والحسد والإيذاء .
بصراحة هذا النوع من الناس متعب جدًا لأنهم لا يكتفون بالتدخل في تفاصيل حياتك دون إذن بل يجعلك تشعر وكأنك تحت المراقبة طوال الوقت وهذا ليس فضولًا عاديًا بل هو نوع من التطفل المغلف بالاهتمام أما أنا فقد بدأت أضع حدودًا واضحة حتى وإن اعتبر البعض ذلك تصرفًا غريبًا فراحتي النفسية أهم بكثير من رضا أشخاص يرون حياتك وكأنها مسلسل يجب أن يتابعوه كل يوم
التعليقات