بدأت بمشاهدة مسلسل ذا فوسترز، وهو مسلسل درامي أميركي يروي قصة عائلة تربي أطفال بالتبني، إلا أن حياتهم تزيد تعقيدا مع مواجهة بعض الصعاب والمشاكل. قد يختلف المسلسل اختلافا كبيرا عن واقعنا العربي أو يعارض ثقافتنا في نقاط معينة، ولكنني وجدت فيه بعض العمق وأعجبتني بعض المقولات الواردة على لسان الشخصيات فيه، أهمها مقولة:"الحمض النووي لا يصنع الأسرة، ولكن الحب هو الذي يفعل ذلك".

أتت هذه العبارة في سياق أن الأسرة بالتبني يمكن أن تكون أسرة حقيقية على الرغم من غياب رابط الدم، إلا أنني وجودتها أيضا مناسبة في سياق الصداقة، فهل يمكن أن نحب أصدقائنا أكثر من حبنا لأهلنا؟ أو أن نجد فيهم ما لم نجده عند أسرنا البيولوجية؟

فالبعض يعتبر أن الصداقة مهما زادت، لن تقترب من مرتبة الأسرة، فرابط الدم مقدس في مجتمعنا، والوالدين هما وحدهما من يستطيع تقديم الحب اللامشروط والدائم للأبناء، على خلاف الأصدقاء، الذين لا يوجد أي ضمان أو رابط يضمن استمرارية العلاقة. فبالفعل، الصديق قد يبتعد عنا إن أخطأنا، أما العائلة فلن تتركنا لو مهما بلغت أخطاؤنا، والتضحيات الكبيرة دائما ما تكون بين أفراد العائلة، فهل نسمع بصديق يعرض حياته للخطر لأجل صديقه بقد ما نسمع عن حصول ذلك بين أفراد العائلة الواحدة؟

ولكن من جهة أخرى، ألم نسمع بقصص عظيمة عن الصداقات؟ فماذا لو لم نكن نشعر بالحب والدعم الكافي من العائلة، أو الانسجام الفكري، بينما نجده عند الأصدقاء؟ وأصلا هل رابط الدم وحده كافي لتكون العائلة فعلا عائلة؟ بل هو الحس بالمسؤولية الذي يظهره الأهل تجاه الأطفال الأهم في صنع العائلة، وليس مربوطا بالحمض النووي. فكم نسمع يوميا بقصص عن أهل تخلةا عن أطفالهم أو حتى ارتكبوا بحقهم أمور شنيعة؟ أو قد يولد البعض عند عائلة متبلدة العواطف ولا توفر له الجو الدافئ، فلا يجد نفسه إلا ويفضل أصدقاءه على عائلته الأصلية، ويشعر أنهم هم عائلته الحقيقية. وقد يكون مسلسل "Friends" الشهير والغني عن التعريف أحد أهم الأعمال الفنية التي صورت كيف يمكن للأصدقاء أن يصبحوا هم العائلة.

فهل تؤمنون بأن رابط الصداقة قد يتوفق على رابط الدم؟ أم أن المقارنة بعيدة جدا وليست سوى حالات استثنائية؟ شاركونا تجاربكم.