يشعر المرء في بعض اللحظات أن صخب العالم يتوقف على الفور، وهذا ما حدث بالضبط لي خلال مشاهدة عرض أوبرا عايدة.
عمل يجمع بين عراقة تاريخ مصر القديم وسحر الموسيقى، وبالأخص إذا كانت الموسيقى للمؤلف الإيطالي الشهير جوزيبي فيردي. هذا العمل الفني يجعل الجمهور في حيرة من أمره، حيث إن الوضع مُعلق بين العاطفة والمنطق الذي يفرض أداء واجبات مُحددة، تُرى إلى مَن يكون الانتصار؟
تدور القصة حول أميرة من الحبشة تُصبح أسيرة في مصر، وفي الوقت ذاته تُصبح أيضًا وصيفة إلى " آمنيريس"، وهي ابنة الملك الفرعون . صراع واضح بين عايدة و آمنيريس بسبب مشاعرهم تجاه "راداميس"، وهو القائد الحربي المصري.
لا يُعد الحب وحده ضمانًا لضرورة مُبادلة الطرف الآخر هذا الحب، ومن هُنا كانت مشاعر رادميس نحو عايدة بشكل خاص.
انتصرت مصر في الحرب ضد الحبشة، ونتيجة لذلك طُلب من رادميس التزوج من آمنيريس ولكن كما هو معروف بأنه يهيم حُبًا بعايدة، كم قاسية تلك الأوقات حينما يتأرجح عقرب الساعة بين القلب والعقل وما على المرء سوى القرار الحاسم.
يقول البعض أننا ونحن مع مَن نُحب نُصبح على سجيتنا لدرجة قد تجعل حديثنا غير مُتزن، ونُشرت الأقاويل التي ترتبط برادميس بكونه يُفشي الأسرار العسكرية بدون عمد، مما أدى بطبيعة الحال إلى النظر إليه كخائن للوطن ومُقصر في حق الواجب العسكري، وبالتالي كان لابُد من توقيع العقوبة الرادعة.
التضحية وهي من أسمي الأشياء المُرتبطة بالحب، أن تجد ذلك الشخص الذي يُبادلك كل شيء، ولكن الوضع ليس بالأمر الهين بالنسبة لرادميس، وأشعر أنني أسمع صوته مُحملًا برسالة لعايدة تحمل الآتي:
" تعلمين شعور الوطني حينما يُجبر على هجرة وطنه، وفِي لحظة يجد كل الأشياء التي يُؤمن بها ليس له الحق في أن ينعم بها، يصبح خاضعًا لكل ما حارب ضده، يتقبل ما كان يرفضه، فينقسم لاثنين أحدهم يحضر بالجسد والآخر بالوجدان، وشتان ما بينهما بالأخص هل تعلمين شعور أن يحيا الإنسان مُمزقًا؟ تعلمين شعور الطفل حينما يتوه عن أُمه ؟ يبحث عنها مُرتبكًا، الدموع تنجرف كهطول الأمطار، يسيطر على قلبه الرعب كأن العالم قرر عقابه، لكن وماذا لو كان ذلك يحدث له يوميًا وهو يتيم بالأساس؟ إلى عايدة، إن بي جُزءًا لا يكتمل إلا بوجودك".
هل تعرفون قصة أوبرا عايدة سواء بالمشاهدة أو بالقراءة؟ ما رأيكم بموقف "رادميس" في قصة أوبرا عايدة؟ وماهو الخيار الأمثل عندما يكون الإنسان أمام قرار يجمع بين العاطفة والمنطق؟
التعليقات