هل تساءلت يوماً لماذا يوجد اهتمام خاص بكوكب المريخ حيث تم دفع مليارات الدولارات على مشاريع مريخية وإرسال العديد من الروبوتات والأقمار الصناعية إلى الكوكب الأحمر من مختلف وكالات الفضاء حول العالم كوكالة ناسا ووكالة الفضاء الأوروبية وغيرها؟ ماهو سرّ هذا الاهتمام؟ ولماذا يعتقد العلماء بوجود مخلوقات حية عليه؟ وكيف يعد تفجيره بقنابل نووية الحل المثالي لمشكلاته؟

المريخ ثالث الكواكب بعداً عن الشمس، ويأتي ترتيبه بعد أرضنا، يتشابه المريخ مع الأرض بالعديد من الصفات التي سنتطرق لها في هذه المقالة، إلا أن بينهم بعض الاختلافات الواضحة، فمثلا، السنة الواحدة في كوكب الأرض تساوي 365 يوما تقريبا -المدة التي تستغرقها الأرض لأخذ دورة حول الشمس-، بينما السنة المريخية الواحدة تستغرق 687 يوما! وذلك لأن المريخ أبعد عن الشمس من الأرض كما أنه أبطأ في دورانه حول الشمس -بسبب ضعف جاذبية الشمس عليه- (ناسا). أكد العديد من العلماء والمهتمون على اهمية السفر الى المريخ وبناء مستوطنات يسكنها البشر بصفة دائمة وذلك لاعتقادهم أن مستقبل الأرض تحت تهديدات مختلفة متصاعدة، فماهي تلك الادعاءات، وما صحتها، وهل تعد سبباً كافياً لاستعمار الكوكب الأحمر؟

                                                                                      

وصل التعداد السكاني للعالم في آخر إحصائية بعام 2019 سبعة مليارات وثمانمائة مليون نسمة ( پي بي آر)، بينما تقدر السعة الاستيعابية القصوى للأرض بتسعة مليارات نسمة، وهو الحد الاقصى الذي يسمح للجميع بالعيش والاكتفاء غذائيا (لايڤ ساينس). في ظل النمو المتسارع للنسل البشري يتوقع أن تصل الأرض الى قصوى اتساعها بحلول عام 2050 (لايڤ ساينس). في حال وصول الأرض لقصوى اتساعها، ستنتشر المجاعات حول العالم وتندلع الحروب بين البشر طمعاً في الموارد بمختلف أنواعها، مما يحتم علينا البحث عن حلول عاجلة.

ثم تأتي مشكلة المياه، فصحيح ان المياه تشكل قرابة 71% من كوكب الأرض، إلا أن نسبة 0.3% فقط صالحة للشرب، ثم أنّ غالبية هذه المياه الصالحة للشرب غير قابلة للشرب فإما متجمدة في القطب الشمالي والجنوبي أو عميقةُ في جوف الأرض (إن جي دبليو أي). بحسب الأمم المتحدة، فقد تضاعَفَ استهلاك المياه مقارنة بتعداد البشر في القرن الاخير الى الضعف، وفي عام 2025 سيعاني أكثر من 1.8 مليار شخص من نقص المياه حول العالم! فإما أن نشرب البحر، أو نموت عطشا!

أسباب أخرى كالاحتباس الحراري، والتلوّث البيئي وإمكانية الحروب النووية جعلت حياتنا في الأرض تحت تهديد متصاعد. وآذنت بفناء البشرية أو الحياة ككل على كوكب الأرض. فإذا سلّمنا بأن الحياة على الأرض تشوبها الشكوك، وأن السفر واجب لامحالة، فلماذا نسافر للمريخ تحديدا، وليس كواكب أخرى كالزهرة أو كالمشتري ؟

تم اختيار المريخ بشكل خاصٍ لأنه ولعدة اعتبارات الأنسب. فأولا، هو الأقرب مسافةً للأرض حيث أن ثاني أقرب للأرض يبعد ضعفيّ المسافة ولذلك لا يمكن إرسال بشر اليه. ثانياً، تظهر الأدلة أن المريخ كان مشابها جدا للأرض قبل مليارات السنين، حيث حوى أنهارا جارية وجبالا راسية وبراكين ثائرة وغلافا جوياً يحفظ الحرارة بداخله ويصد الأشعة الضارة عنه -الغلاف الجوي طبقة خارجية من غازات معينة تغطي الكوكب وله فوائد مهمة مثل صد الأشعة الضارة من الشمس وحفظ الحرارة من الخروج الى الفضاء-، حتى أن البعض يعتقد بوجود مخلوقات حية عليه

إذا كان المريخ مثالياً، لماذا لم نسافر حتى الآن ؟

المعضلة الكبرى في قضية السفر الى المريخ ليست في ماضيه بل في حاضره، فعلى الرغم من كونه مشابهاً لأرضنا في الماضي إلا أنه لم يعد كذلك، طرأ على الكوكب تغيرات على مر الزمن أضرت بغلافه الجوي فانعدم تقريبا مما أدى لنفوذ الحرارة منه فأصبح باردا جدا، حيث يصل متوسط درجة الحرارة فيه الى -60 درجة مئوية -متوسط درجة الحرارة بكوكب الأرض 14 درجة مئوية-، لذلك تجمدت المياه وخمدت البراكين. ثم كان من تأثير ذلك ان نفذت الاشعة الفوق بنفسجية من الشمس إلى سطح الكوكب لتجعل اي حياة مشابهة لتلك التي لدينا مستحيلة.

فمالحلّ إذاً؟

الحل الأبسط والأكثر واقعية هو إنشاء مستعمرات تقي من بداخلها من مخاطر الكوكب الأحمر، كما يوجد بعض النظريات والمزاعم المختلفة لحل المشكلة ومنها مقترح قدمه الملياردير الأميركي مالك شركة الفضاء الأميركية "سپيس إكس" إيلون ماسك والذي ينص على  إرسال رؤوس نووية إلى قطبيّ الكوكب لتخلق -حسب زعمه- احتباساً حراريا يؤدي الى نشوء غلاف جوي واعادته كما كان، يرى البعض أن الفكرة جنونية وقد تحدث اختلالا في المجموعة الشمسية بكاملها فيما يظن آخرون أنها فكرة مبتكرة قابلة للتنفيذ من شأنها جعل المريخ مشابهاً للأرض.

في ظل التحديات الكبيرة التي تواجه كوكب الأرض، من كثرة السكان وقلة الموارد حتى المخاطر البيئية، تبينت ضرورة وجود رافد احتياطي في حال امتنعت الأرض عن استقبال الحياة، إلا أن غزو المريخ طموح صعب المنال في ظل الصعوبات الهائلة التي تتعلق بقابلية العيش فيه، تعمل شركة سبيس اكس بطموح لارسال أول مركبة فضائية بشرية للمريخ خلال السنوات القليلة المقبلة، بينما تعتقد ناسا بواقعية بإرسال روادها بحلول العقد القادم.

 هل سيكون المريخ المنفذ الوحيد لنا في حال اضطربت الأرض؟ أم هل يجب علينا إعادة صب هذه المليارات في مشاريع تهدف لجعل الأرض كوكباً أفضل كمشاريع الطاقة المتجددة؟ وأخيراً، في حال سنحت لك الظروف وعرض عليك مقعد -مجاني- للذهاب الى المريخ، هل ستذهب ولماذا؟