قد يكون هذا الموضوع محل خلاف - علماً أن كل ما أقوله هنا هو بحسب ما أرى دون نسبته إلى الواقع إلا ما نسبته إلا غيري فالأصل فيه هو الصحة إذا كان قائله معتمد - فأنا أرى أن كل مكلف مجبول على الأخلاق والفضيلة والخير للوجوه التالية :

١) الروح إحياء للشيء بطبيعته :

كما أرى أن الروح هي إحياء للشيء بطبيعته وخصائصه، فالجن هم نار أحياه الله بإضافة الروح إليه وانتقلت مع ذلك خصائص النار من الموت إلى الحياة، فالنار لها طاقة عالية جداً وكذلك الجن لهم طاقة عالية تكسبهم قدرات عالية، والنار تظهر بمظهر مرئي للناس وتختفي بشكل سريع جداً، وكذلك الجن يظهرون ويختفون.

وأما النور فهو كذلك يظهر بمظهر مرئي للناس ويختفي وكذلك الملائكة يظهرون ويختفون، والنور يقطع مسافات عالية خلال زمن قليل بسرعة عالية، والملائكة لها سرعة فوق سرعة الضوء كما في موقع إسلام ويب فتوى رقم 455311.

وأما التراب والماء فهو رمز النقاء والطهارة يُتطهر بهما لأجل الصلاة، فبهذا الإنسان الذي خلق من التراب والماء إذا أدرك الأشياء المادية والمعنوية فهو يميل إلى الطاهر وينفر من العكس، والأخلاق إذا أدركها فهو يميل إلى الصالح والطاهر منها وينفر من العكس، فطهورية التراب والماء + الروح + عدد كبير من الموصلات العصبية يدرك بها - أي الموصلات العصبية - يدرك بها الإنسان عدد كبير من الأشياء = العقل، بل الحيوان - أكرم الله القارئ - نرى فيه صفات إيجابية كونه خلق من تراب وماء، من باب أولى الإنسان فهو تراب وماء يمشي على الأرض انتقل إلى مستوى الحياة انتقال كامل حتى في الاسم والشكل والمنظر، فطهورية ونقاء التراب والماء في مستوى الحياة هي الأخلاق والفضيلة وزكاء المعدن وسلامة الفطرة والميل إلى الطاهر من الأمور، وكون أن هناك من الأراضي ترابها قاحل لا ينبت شيء وقد يضر النبات فذلك في مستوى الحياة عند من ضعف فيه نقاء وطهورية التراب والماء بسبب فساد التربية فهذا شح وبخل وخبث - أي إيذاء للناس بغير وجه حق - وعند من سلمت فيه نقاء وطهورية التراب و الماء بسبب صلاح التنشئة فهذا شدة بأس - مثلاً إيذاء من يعتدي على الدين بحيث يكون هذا رادع له - وحرص على الخير وعدم التنازل عن الحق عزة نفس لا بخل فالبخل - كما في موقع إسلام ويب فتوى رقم 35141 - هو إمساك المال عندما يكون بذله واجباً في باب الدين أو المروءة، وكل مولود يولد على الفطرة - اعتماداً على موقع الشيخ ابن باز - وكل مكلف خُلق مما هو رمز النقاء والطهارة مع تمام درجة الذكاء وبالتالي كل مكلف أصل للجود وطيب الأخلاق وطيب التعامل مع الناس.

وكون أن التراب في الأصل مرتبط بالأرض فكذلك طبع كل مكلف دون استثناء مادياً ومعنوياً، أما في المادة فهو لا يستطيع أن يعيش إلا في الأرض أو بيئة تحاكي الأرض، وأما في المعنى فهو بطبعه ينزل إلى الأرض دون نزول في الشرف كونه رمز للنقاء والطهارة وهذا هو التواضع ( ترجمة ذلك في مستوى الأموات أن التراب مكانه الأصلي في الأسفل)، فالتراب هو رمز التواضع.

وكون أن من التراب ما هو كثير الإنبات فذلك هو السخاء فهو - كما في موقع الألوكة - هيئة راسخة في الإنسان تدعوه إلى الإعطاء سواءاً حصل الإعطاء أم لا، وأما كون التراب والماء ينبت الأشجار من بذرة فكذلك الإنسان يبني أشياء نافعة كبيرة من أشياء صغيرة أي يبني أشياء نافعة أكبر من أشياء أصغر.

٢) كل الناس خلقوا من آدم :

المعلوم أن جميع الأنبياء رمز للكمال في الخَلْق والخُلُق ولا يعقل أن يكونوا أصل للشر بل أصل للخير، والابن شبيه بآبائه وبالتالي فالناس شبيهون بأبيهم النبي في المعدن وفي كونه أصل للخير.

٣) كيف يخلق الله عباده؟

هذا من أقوى ما يثبت أن كل مكلف هو أصل للكمال في الأخلاق والشرف لا النقص، فلو سألنا السؤال التالي : إذا كان لعلي بن أبي طالب أصدقاء فما هو الأصل فيهم؟ هل الأصل فيهم أنهم شرفاء كلهم أم معظمهم كذلك أم حالتهم مجهولة أم الأصل فيهم أنهم غير شرفاء؟ فلا شك أن الإجابة أن الأصل فيهم كلهم أنهم شرفاء، ولله المثل الأعلى في كل شيء، فالله لم يخلق المكلفين - كانوا عرباً أو أفارقة أو زنوج أو يأجوج ومأجوج أو فرس... إلخ - إلا ليكونوا عباداً له فقط لا غير، فكيف يخلقهم؟ هل يخلقهم شرفاء كلهم أم معظمهم كذلك أم حالتهم مجهولة أم يخلقهم غير شرفاء؟ إذا كان لعلي بن أبي طالب أصدقاء وكان الأصل فيهم كلهم هو الشرف فمن باب أولى عباد الله الملكفون كلهم دون استثناء أصل للشرف لا للشر، غير أن عباد الله غير الملائكة والأنبياء غير معصومون من السقوط عند الفتن والتنشئة الفاسدة فهم غير متعلقين بالله تعلق الملائكة والأنبياء فهؤلاء - أي الملائكة والأنبياء - متعلقون بالله تعلق أشد فهم خلقوا ليكونوا خاصة الله فكيف يُخلقون؟

- إذا كان الناس أصل للشرف فلماذا أكثرهم ساقطون في الدين والمروءة (إن جاز هذا السؤال)؟

الإنسان من خصائصه المخلوقة فيه غير المكتسبة أنه يمشي على قدمين مشياً جيداً لكنه ولد وهو لا يمشي على اثنين فهذه الصفة كالبذرة تسقى بالطعام والشراب بشكل كافي يومياً والنتيجة أنه يمشي على اثنين جيداً، وكذلك الكمال في الدين والمروءة والأخلاق والشرف هو عند الولادة كالبذرة يُسقى - في حالة التنشئة السليمة - بالكتاب (القرآن) وسنة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم يومياً وعلى الحد الكافي والنتيجة أن الإنسان شريف في الدين والمروءة بدون تكلف وتفكير وتعب كما هو يمشي جيداً بدون تفكير وتكلف وتعب وهو مشغول ومنهمك بالكلام مع شخص آخر، وتكلف الشرف في التدين والمروءة والمجاهدة في ذلك بحيث يتعب الإنسان في هذا فهذا دليل على فساد الفطرة والتربية.

إذاً لا فساد أبداً في الأخلاق والتدين إلا وسببه الهوى والجهل وضعف التربية ووساوس الشيطان، فكل واحد له شهوة ويولد جاهل وضعيف في كل خصائصه البشرية بما في ذلك الشرف والمشي والكلام والقوة... إلخ.