يسلط الفيلم الضوء على التهميش الذي يعاني منه كبار السن، كأنهم لم يعودوا يمتلكون دوراً مهماً في الحياة، ويعكس الفيلم كيف يُنظر إلى هؤلاء الأشخاص أحياناً كعبء أو غير ذوي قيمة، على الرغم من تجاربهم وحكمتهم التي يمكن أن تضيف قيمة كبيرة للمجتمع، يظهر في الفيلم أمثلة تتجسد في واقعنا، مثل الأبناء الذين يهاجرون إلى بلاد أخرى وينسون التواصل مع والديهم، أو الذين يعاملون آباءهم وكأنهم أطفال، ويضعونهم في دور المسنين بدون مراعاة لرغباتهم ومشاعرهم، وهذا يعزز من مشاعر الوحدة والعزلة لدى كبار السن، فما هي الحلول التي يمكننا التفكير فيها لتحسين وضع كبار السن في مجتمعنا بدلاً من تهميشهم؟
فيلم Jules: ما هي الحلول التي يمكن اتباعها لدمج كبار السن بالمجتمع بدلا من تهميشهم؟
الحلول تبدأ بالاقتناع الذاتي، والاقتناع الذاتي ربما يأتي عندما يضع المرء نفسه مكان الشخص الآخر بشكل جدي وعملي ويحاول أن يدرك كم المشكلات التي تواجهه وهو بهذه السن المتقدمة، بعيدًا عن أي دعم، محرومًا من كونه سليم معافى كما كان من قبل، كل شيء أصبح حوله صعبًا ويزداد صعوبة!
حينها فقط، يمكن أن يحدث الاقتناع بما يواجه كبار السن، يبدأ التفكير في حل بإخلاص...
شخصيًا أرى أن البداية يجب أن تكون نفسية بحتة، بمعنى أن لا يشعر كبار السن أبدًا بأنهم قد أصبحوا مجرد عدد زائد على المجتمع أو عالة عليهم بلا أي فائدة، وذلك بإشراكهم -بشكل جدي وليس صوري- في جميع تفاصيل الحياة بذكاء يحفظ لهم ماء وجهم ويحفظ لنا مدى التغير والاختلاف في الآراء بيننا وبينهم.
بمعنى أن لا يشعر كبار السن أبدًا بأنهم قد أصبحوا مجرد عدد زائد على المجتمع أو عالة عليهم بلا أي فائدة، وذلك بإشراكهم -بشكل جدي وليس صوري- في جميع تفاصيل الحياة بذكاء
يجب علينا ان نفكر بأنفسنا منذ الآن، الأفضل أن نعمل على تطوير مهارات وأساليب حياتية تضمن لنا بنسبة كبيرة ألا نكون بلا فائدة تماما عندما نتقاعد او نكبر بالسن، فوجود مشروعات تدعمنا - ولو بدأنا بمشروعات صغيرة- أمر أساسي، كوجود مصدر للدعم المالي، حتى مع تدهور الصحة فقد نكتفي بالإشراف دون التخلى عن مواقعنا، فغالبًا ما يحتفظ كبار السن بالحكمة والقدرة على اتخاذ قرارات، بالإضافة علينا أن ندعو منذ الآن لتفعيل دور كبار السن كمستشارين في مجال خبراتهم سواء في المؤسسات الحكومية أو الشركات الخاصة، بمقابل مادي يناسبهم.
فغالبًا ما يحتفظ كبار السن بالحكمة والقدرة على اتخاذ قرارات، بالإضافة علينا أن ندعو منذ الآن لتفعيل دور كبار السن كمستشارين في مجال خبراتهم سواء في المؤسسات الحكومية أو الشركات الخاصة، بمقابل مادي يناسبهم.
شخصيًا ودون تحيز، أرى أن هذا الأمر لن يكون في مصلحة هذه المؤسسات بشكل كبير. فكبار السن تختلف أراءهم وتوجهاتهم عن الزمن الذي هم فيه، وربما كانوا أكثر تحفظًا في قراراتهم. كما أنهم بحكم السن قد يرفضون العمل ويفضلون اللجوء للراحة. هنا علينا احتوائهم بذكاء ووضعهم في أماكن تناسب أفكارهم وامكانيتهم، وفي نفس الوقت لا تؤثر سلبًا على سير الحياة الخاصة بنا. بمعنى آخر علينا انتقاء الموضوعات التي تناسبهم وتناسبنا.
صحيح لكن من الصعب أن تطالبهم بتعلم مهارات جديدة وإن كانت مهارات إجتماعية حتى بعد هذا العمر، فصبرهم ضيق لاستقبال أي معلومات جديدة.
فكبار السن تختلف أراءهم وتوجهاتهم عن الزمن الذي هم فيه
بعض الوظائف لا تتغير أساسياتها بمرور الوقت كالاستشارات المالية وابقانونية والهندسية وربما النفسية، وليس بالضرورة أن تطالبهم بالعمل بدوام كامل أو جزئي بل إشهارهم بأهميتهم وفي نفس الوقت تنشيط عقولهم وتحفيزهم، فلا أحد يود الجلوس بالمنزل بلا حراك ولو بعد هرمه، بل إن الراحة ابتامة قد تسبب تكاثر الامراض عليهم وضعف لياقتهم البدنية والعقلية.
إن الراحة التامة قد تسبب تكاثر الامراض عليهم وضعف لياقتهم البدنية والعقلية
لذلك أرى من المهم توفير نشاطات رياضية وترفيهية مناسبة لهذه الفئة العمرية، وبالرغم من وجود بعض المنظمات والجمعيات والنوادي التي تقدم هذه النشاطات إلا أن عددها محدود، بالإضافة إلى ذلك تفتقر المجتمعات إلى التوعية الكافية لكبار السن حول أهمية هذه الأنشطة وفوائدها، وهنا تكمن المشكلة، فكيف يمكننا تعزيز الوعي وتوسيع نطاق الفعاليات الرياضية والترفيهية لكبار السن لحل هذه المشكلة؟
هل لا تزال هذه المشكلة موجودة؟
أرى أنه في ظل وجود دور الرعاية والرعاية المنزلية تم حل هذه المشكلة بشكل كبير على الأقل انعدمت الصورة التي مفادها أن إلحاق الشخص المسن بدار رعاية أو طلب شخص متخصص لمرافقته في المنزل هو شيء من العار.
لكن المشكلة أن هذا يحدث من أبناء ليس لهم ظروف خاصة فقد يكونوا قادرين على رعاية ذويهم ويلحقوهم بدور رعاية مثلا.
بالضبط، هناك العديد من الأبناء الذين يضعون والديهم في دور الرعاية لتجنب المسؤولية، كما نلاحظ أيضاً إهمال الأبناء تجاه والديهم وتركهم وحدهم في منازلهم دون متابعة أو اهتمام، وهذا الوضع يؤدي إلى إصابة الفرد بالاكتئاب والشعور بالوحدة، فكيف يمكننا معالجة هذه المشكلة؟
يكمن الاختلاف في مدى وعي الأبناء بأهمية العائلة وحرصهم على تثقيف أبنائهم بضرورة دعم الترابط الأسري، فما يفعله الآباء يتوارثه الأبناء، ولا أظن التخلي عن كبار السن سوى عادة غربية نقلدها دون وعي، فكما يتخلى الأبوان عن أبنائهم صغارًا يتخلى الأبناء عن آبائهم عندما يكبرون، لأنهم بكل الحالات يعيش كل منهم بمفرده منذ بلوغ الأطفال عمر ال 18،فلا يوجد فرق كبير.
إذا أنتِ ترين أن المشكلة تكمن في تربية الأهل منذ البداية؟ لكن كان هناك سيدة أعرفها، فعلت أقصى ما يمكن فعله لتربية أولادها بشكل جيد على الترابط الآسري وتوفير لهم حياة كريمة، وفي النهاية بعد أن قامت بتزويجهم وتوفير لهم حياة جيدة، للأسف مرضت مرض خبيث ومع ذلك لم يكن أحد من أولادها بجانبها بل اكتفوا بجلب لها ممرضة في المنزل، وكانوا يتجمعوا لديها يوم في الأسبوع لكني أرى أنه كان من المهم أن يكون أحداً بجانبها بشكل يومي حتى ولو ساعة في اليوم لتحسين حالتها نفسيتها، أم تختلفين معي؟ لذا أرى ان الأهل بالطبع لهم دوراً مهم في تنشئة الروابط الأسرية بين الابناء لكن ايضاً الابناء عليهم مراعاة مشاعر كبار السن وتقديرها، فهم بشر في النهاية يحتاجون لدعم عاطفي.
للأسف المجتمع هوا الذى بني هذا الأمر بنفسه ولولا الدين والقيم العربية لأصبحنا مثل الغرب فى هجر الأباء وتركهم فى دور المسنين، فالوظيفة هذه هى سر ضاع البشر فما معني أن يقضى المرء 40 عاماً يعمل وحينما يخرج على المعاش قيمته الشخصية والنفسية إن لم يكن له أنشطة أخرى أو تجارة أو أنشطة على العموم قيمته هوا بينه وبين نفسه تقل وتذبل، هذا يعتمد على الوعي لما لا نجد أصحاب الشركات ذو ال 70 عاماً بلا قيمة؟! بالطبع هم ذو قيمة وقيمة كبيرة لأنهم صنعوا لأنفسهم قيمة وإن لم يصنعوها لأنفسهم فلن يصنعها لك أحد وكذلك على الجيل الجديد يجب حتماً ولابد أن يكون لك بعيداً عن الوظيفة تجارة أو أنشطة أو أى شئ وما أفضل أن تكون داعية إلى الله أو تاجر أو أى شئ حينما تخرج على المعاش إن إنتظرت الوصول له تد شيئاً أخر يجعل لك قيمة فقيمة المرء فيما يحسنه والوظيفة تجعلك تحسن أموراً وعلى المعاش لاتحتاج لكل ما أحسنت ولايحتاج إيه أحد.
إذاً فالسؤال من البداية ليس فى محله!! ولكن لنقل كيف ننشئ مسنين ذو قيمة عالية ويظل يحتاج إليهم المجتمع حتى يموتوا وإن كانوا ذو ال 90 أو ال 120؟!
لكن يا مصطفى أنا أعرف سيدة من كبار السن تعتني بنفسها وتستمتع بحياتها، فهي تذهب إلى النادي أسبوعياً، وتشارك في رحلات مع أصدقائها من نفس العمر، وتسافر وتعيش حياتها لكنها في النهاية تعاني من إهمال ابنائها لها وعدم سؤالهم عليها إلا أن أحتاجوا منها شئ، وهذا يصيبها بالإكتئاب بالطبع، وهذه مشكلة في حد ذاتها لذا كيف يمكن معالجتها؟
سيدة من كبار السن تعتني بنفسها وتستمتع بحياتها، فهي تذهب إلى النادي أسبوعياً، وتشارك في رحلات مع أصدقائها من نفس العمر، وتسافر وتعيش
أنا حقاً لم أقصد كل هذا لأن الخروج والإتيان لاجعل للمرء قيمة وإن كنتى قولتى يحتاج إليها أبنائها أى أنها لها قيمة تقدمها لأبنائها حتى وإن كانت مال وهذا يقربهم منها وإن كانوا مهملين لها وهذا قلة تربية فيهم ولكن ما أقصده أننى شخص ذو قيمة ليس لأبنائي فقط بل قيمة لمجموعة كبيرة من البشر كاتب مثلاً عالم دين، أفعل الخير، أرعى اليتامي، عندي قضية أسعى من أجلها وسيقف العالم بجانبي وإن كنت ذو ال 100 عام، أن تنفعي أناساً أسأل سؤال الأن لماذا الأثرياء حينما يقرروا التقاعد يبدأوا فى مساعدة الناس وإنشاء جمعيات خيرية؟! حتي يشعر بقيمته.
لكن الحل الذي تطرحه هو حل مستقبلي يمكن للجيل الحالي تطبيقه، وسوف ينجح بالفعل لكن ماذا عن الجيل الحالي من كبار السن؟ كيف نتعامل معهم؟
لدي فكرة قمت بعرضها فعلاً على رئيسي بالعمل بقسم الطب النفسي بجامعة عين شمس، وهذه الفكرة تكمن في دمج دور رعاية المسنين مع دور الأيتام، وذلك طبعاً مع اتخاذ الإجراءات التنظيمية والوقائية اللازمة، وبذلك سنخلق دمج ونحقق توزان في حياة الأيتام وربما تحقق الفكرة عائد اجتماعي وإنساني جيد.
التعليقات