شاهدت فيلم الرابعة بتوقيت الفردوس للمخرج السوري محمد عبد العزيز وللحقيقة سطرَ فيه حكايات كثيرة، كلّها عن الهلع والخوف، الفيلم يحكي عن سوريا، في زمنها الأخير، الزمن الصعب الذي يحتاج أعصاب فولاذية للتعامل معه، كل الحكايات لشخصيات تعاني مخاوف شديدة جداً، سواء المرض أو الفقر أو السجن أو القتل، لكل شخصية خوفها ولكن لم أرى شخصيات مكسورة بالفيلم!

وهذا بالضبط ما ينتجه الرعب: الشخصيات القويّة لا الضعيفة كما صوّرت لنا الكثير من الأعمال هذا الأمر، الهلع ينتج لنا أشخاصاً قادرين على التعامل مع كل المواقف الصعبة بقدرة متنزنة وهادئة وبعيدة كل البعد عن المشاكل، شخصيات تعرف ما الذي تقوم به.

الرعب مفيد لنا، مفيد لحياتنا، فمن يتفق؟ 

أعتقد أنا أول من يتفق مع هذا السؤال لما تعرّضت له من تجارب أيضاً في سوريا، تجارب متنوّعة شكّلت فيّ عدم مبالاة رهيب اتجاه المشاكل العادية لدى أي مواطن عادي، بالمناسبة أنا لم أدرك أنني قد اكتسبت الكثير من الصفات الإيجابية بسبب تعرّضي للخوف والرعب عدّة مرات، عرفت ذلك عندما حطّت طائرتي الأراضي المصرية، حين بدأت التعرّف في القاهرة على الكثير من الأصدقاء المصريين بدأت تتكشّف لي هذه الصفات الإيجابية فيّ، حيث رأيت نفسي لا أعبئ نهائياً بكل مشاكل المواطن العادية التي يتحدّثون عنها أصدقائي المصريين (والتي لا أنكر صعوبتها) ولكنّها بالمقابل لا تشكّل أي ضغوط نفسيّة عليّ كسوري، فما يراه حالياً الأوروبي أو العربي مستحيلاً أو مرعباً أراه صعباً فقط أو مسبباً للتوتر لا أكثر، صرت أكثر قوّة على تحمّل ضغوطات العمل أيضاً، ربما طوّر الخوف عندي هذه اللامبالاة التي شحنت شخصيّتي بقوّة غير طبيعية استطيع الآن مواجهة الحياة بها وتحقيق الكثير من المكاسب.

وأنت؟ ما رأيك في هذا الموضوع؟ هل تتفق معي فعلاً في أنّ الخوف والهلع أمور مفيدة لحياتنا وتجربتنا الإنسانية؟ أو تميل إلى العكس من ذلك تماماً؟