للأسف لا يمكننا على الإطلاق التنبّؤ بتصرّفاتنا في هذا الصدد. وقد خضتُ نقاشًا مماثلًا مع أصدقائي منذ فترة قريبة، كان ملخّصه يتمحور حول فكرة التضحية بشخص في سبيل مصلحة ما، حيث الفكرة المشهورة من فيلم The Box، والتي تمثّل معضلة معروفة مفادها أن شخص غريب يطرق الباب ويعرض على أصحاب البيت مبلغًا طائلًا مقابل أن يضغطوا على زر في صندوق معه. لكنه يخبرهم بأن الضغط على هذا الزر سيتسبّب في قتل شخصٍ ما لا يعرفونه. أنا لم أتناول وجهة النظر من باب أنّني موافق على ضغط الزر. أنا أرفض المبدأ. لكن في المقابل، لا أستطيع ضمان أنني لن أفعل ذلك، فالإنسان في داخل الموقف يكون مختلف تمامًا عندما يكون خارجه.
ماذا تفعل حين تكون حياة إنسان مُعلّقة بين يديك؟ فيلم 12Angry Men.
يحضرني جداً كلام فريدريك نيتشه في الطريقة التي عالجتِ فيها هذا الفيلم على أنني لا أتفق مع حضرتك فيما جئتِ به، حيث قال: "لطالما ضحكتُ من الضعفاءِ ، الذين يظنون أنفسهم أخيار لأن ليس لديهم مخالب" هذا بالفعل الحاصل مع جزء كبير من العالم وخاصّة دول العالم الثالث وشعوبها، لما فيهم من استتار صلاح خلف أستار الضعف، يتحججون بالضعف ليبرهنوا على صلوحية قلوبهم واشتغالها حتى الآن، على أنّ من المواضح أنّ المواقف تُعرّينا الواحد تلو الآخر وتثبت لنا بأنّنا أقل بكثير مما قد نعتقد وأسوء بكثير مما كنا نظنّ.
أما ما لا أتفق مع حضرتك فيه وهي هذه المسألة أو هذا السؤال:
فلماذا يفكر بعض الناس بالآخرين في حين لا يفعل البعض الآخر؟
المجتمع وأستطيع تناوله كمقطع واحد بـ 99% برأيي يُفكّر بالآخرين ولا وجود لأولئك الطغاة الذين لا يمارسون أي عملية منطقية في رؤية الحياة من عيون الآخرين، بجميعنا نفكّر في مجتمعاتنا ومحيطنا، لكن هذا التفكير أحياناً لا يأخذ مرحلة الأولوية في طابور ما نفكّر به، وأحياناً ولا حتى المركز الثاني، فمثلاً عندي رأي أنّ الـ 12 المُحلّفين الموجودين في الفيلم كانوا أشخاصاً جيدين بالضرورة، بالمناسبة هذا يدل على المكان الذي يشغروه أيضاً، أقصد المصب المحلّي بين الناس، أي أن يكونوا محلّفين، لكن مصالحهم الشخصية وآرائهم المتسرعة كان سباقة في هذا الأمر.
"لطالما ضحكتُ من الضعفاءِ ، الذين يظنون أنفسهم أخيار لأن ليس لديهم مخالب"
لحسن حظي أن قرأت هذه الجملة لأنني كنت أبحث طويلًا عن جملة تعالج بعض المواقف التي أمر بها، وأعلم أن تعليقي خارج قليلًا فأحيانًا أتعرض لتنمر على شخصتي كوني شخصية مستقلة محبة للحديث والجدل والتحاور ، فأجد النقد من أشخاص ضعفاء ليس لهم القدرة على مجارتي ولا خوض أي حديث بالإكتفاء بقول هذه"ثرثارة" فاقتباسك مناسب تمامًا . السكوت يكون قوة ولكن من القوى القادر على الكلام وليس من الضعيف الذي لا يعرف فن للحديث.
وهذا تمامًا كما ذكرت المجتمعات نرى الضعيف غير القادر على التغير ينعت نفسه بأنه مسالم لا يريد أن يتدخل براحة الأخرين، بينما ذات اشخص تجده لأنه له القوة على أهل بيته مثلًا ستجده مفترى متسلط. فهذا أكبر دليل على صحة ما أوردت يا ضياء.
فكيف لأن تكون المصلحة الشخصية فوق حياة شخص سبب غير كافي لجعلهم سيئين؟
البداهة في زخم الانشغال، هذا ما يخلق السبب الغير كافي، نحن نتحدّث بالضرورة عن محلّفين لهم قيمتهم ودورهم الاجتماعي وانشغالاتهم التي لا تنتهي، تُعرض عليهم قضيّة بداهةً تترائى لهم أنّها قضية خاسرة مئة بالمئة والمجرم يستحق العقاب. هذه البداهة بظل المشغولية تخلق هذا الأمر وهذا نراه ليس فقط في هذا الأمر، بل في كل مناحي الحياة، حيث يصف الأب والعائلة والمدرسة الطفل بأنّهُ فاشل بناءً على اختباراته دون أن ينقّبوا فعلاً عن جوهر فشله وسببه أو وجوده من الأساس.
التعليقات