عند الحديث عن مسرح العرائس يتوارد لأذهان معظم الناس أنه موجه للأطفال فقط أو أن محتواه ترفيهي كوميدي، لكن في الواقع هذا المسرح يحمل في طياته الكثير من الجدية، بل العبر والمواعظ أيضاً، حيث أن مسرح العرائس أو الماريونت كان الهدف الرئيسي منه تقديم الحقائق الدينية والتاريخية بشكل بسيط وممتع يسهل على الجميع فهمه.
تعود نشأة مسرح العرائس بحسب رأي الكاتب الفرنسي شارل مانين في كتابه "تاريخ الماريونت" إلى قدماء المصريين، وبالتحديد في القرن الخامس قبل الميلاد، وكان حجم العروسة يختلف وفقاً لمكانتها الاجتماعية والروحية، فمثلاً العرائس التي كانت تمثل الآلهة والكهنة والملوك تميزت بالضخامة ووضوح الملامح والوقار، بينما العرائس التي كانت تمثل عامة الشعب والخدم، فكانت أصغر في الحجم وملامح وجهها تشبه وجوه المهرجين من حيث الألوان المتناقضة والصارخة، وكان الكهنة هم من يقومون بتأليفها والإشراف على تنفيذها أيضاً، فكانت زاخرة بالوعظ والإرشاد، وتنتهي بترديد النصائح المختلفة التي يحرصون على تثبيتها في عقول ونفوس الجمهور.
وظل مسرح العرائس يتطور عبر العصور من حيث المضمون والشكل، فعلى مستوى المضمون لم يعد قاصراً على تقديم المحتوى الديني فقط، بل شمل المحتوى الفلسفي كما حدث في مسرحيات ماترلينك في ألمانيا، والمحتوى الاجتماعي الذي قدمه موريس بوشور في فرنسا، وعروض ذات محتوى شعري أيضاً كما فعل جوردون كريج في إنجلترا. أما عن الشكل فوصلت أنواعه إلى حوالي 18 نوع طبقاً لتقسيم الناقد جيس هايز، ولكن أشهرهم عرائس الخيوط، وعرائس اليد، وخيال الظل.
وهذه نبذة سريعة عن الثلاثة أنواع:
▪︎عرائس الخيوط هي التي يحركها مجموعة أشخاص من أعلى خشبة المسرح عن طريق خيوط شفافة لا تظهر بشكل واضح أمام الجمهور.
▪︎عرائس اليد وهي التي يدخل بها محرك العرائس يده من الأسفل ويقوم بتحريكها أمام الجمهور، ومن أشهر الأمثلة عليها مسرحيات جودي وبانش، وهو النوع الذي يشبه الأراجوز في مصر، والذي اشتهر به الفنان محمود شكوكو.
▪︎خيال الظل يتم العرض به عن طريق تشغيل إضاءة في مكان مظلم خلف ستارة بيضاء مشدودة على قائمين، ثم يقومون بتحريك العرائس وإحداث الأصوات اللازمة.
يتميز مسرح العرائس عن المسرح البشري بسهوله تنقله وقله تكلفته، فالعرائس ليس لها متطلبات، ولا تؤثر حالتها النفسية على مستوى العروض التي تقدمها باختلاف الأيام، كما يحدث مع الممثلين البشريين. ولمسرح العرائس سحر خاص يميزه عن المسرح التقليدي، وهو تحطيم حدود الخيال، فبه نجد الجماد يتحرك ويتكلم، والحيوانات كذلك، فيتشكل العرض من مجموعة عرائس تشبه البشر يتداخل معها في الأحداث والحوارات حيوانٍ ما، فليكن بقرة مثلاً أو ديناصورً، وسرير أو كرسي أو منضدة تصبح لهم شخصيات ويشاركون في الأحداث، لذلك وجد أعضاء النادي الدولي للعرائس أن هذا النوع المسرحي له فائدة كبيرة بالنسبة للأطفال، سواء في تحليلهم نفسياً أو في تعليمهم من خلاله أو تسليتهم بما ينفعهم.
هل شاهدت مسرح عرائس من قبل، وإن حدث فما هو أكثر عرض أثر بك، وهل ترى أن له شعبية حتى الآن أم إندثرت شعبيته؟
التعليقات