إذا كان هناك شخص في حديقة الحيوانات للترفيه، وباغته أسد يركض وراءه ؛ هل سيقف ليقل ما هذا؟ كيف سأتصرف؟ أم أنه سيهرب فورًا ؟
في الواقع هو بحاجة لأقل من الثانية ومن دون أن يشعر ليبدأ بالركض، ذلك لأن عقله الباطن يأخذ قرارًا بالدفاع عنه، وهذا القرار من المخزونات المبرمجة بداخله. فهو يعمل من أجل الحفاظ على حياة هذا الشخص وعلى جسمه من الخطر كي يكون في بيئة آمنة.
إن عقلنا الباطن يأخذ نفس الاجراءات عند أي قرار نتخذه. و هذه النظرية مهمة جدًا في التسويق والبيع.
فعندما نعرض منتجنا للبيع مباشرة؛ فإن العميل سيرى هذا التصرف كالأسد المفترس ويهرب على الفور. بناءً على تجاربه و برمجته السابقة.
لذا فإن مخاطبة هذا القائد (اللاوعي) يجعل أمر البيع تلقائياً .
نشرت شركة "نيو ديزين جروب" لخدمات العلامات التجارية: إذا كنت تعتقد أن إعلانًا تم تصميمه بعناية وتصوير فائق الجودة؛ سيضمن زيادة المبيعات فأنت بحاجة لإعادة التفكير، فالحملات الدعائية الفعالة هي التي تستهدف اللاوعي وتثير الأحاسيس والعواطف لدى المستهلك.
ولكن كيف يتم ذلك ؟
هناك ثلاث مواد كيميائية تتفاعل في عقل الانسان وجسمه (الكورتيزول، الدوبامين، والاوكسيتوسين)
إن أية عملية خوف نتعرض لها أو أي مشكلة أو خطر، تؤثر على إفراز اللاوعي لهذه المواد فينبه الجسم تلقائياً ويشعرنا بالخطر؛ فإما أن نهرب وإما أن نواجه.
وهذا ما نفعله حين تعرض علينا منتجات أو خدمات فجأة، فلا يكون منا إلا أن نهرب .. هكذا سيحدث حين نعرض منتجنا على الآخرين ليشتروه. وحين نعلم الأسباب وراء ذلك سنجد الحلول، وحين نفكر بواقعية وحيادية" كمشترين" لنا تجارب سابقة؛ نكون قد حصرنا بعض الأفكار المرسخة باللاوعي عند العميل ونبدأ بصنع مضادات لنسفها وتغيير البرمجة القديمة ..
يلعب التكرار دور مهم وفعال في ذلك فنحن لا نأخذ عن الرف منتج معين لأنه الأفضل؛ ولكن لأننا مبرمجين على اختياره ونشعر أننا نعرفه لمجرد أن الدعايات تتكرر وتتسلل لدواخلنا . هذا النهج الذي تتبعه العديد من الشركات الكبرى مثل Meta, Apple , Microsoft وغيرها ممن يلجأون لطرق غير عادية للتسويق تعتمد على دراسات وخطط مدروسة يضعها أطباء الأعصاب وأخصائيين نفسيين ..
لكن إذا كنا حديثي العهد في السوق، وكان منتجنا غير معروف_ حتى لا ينفر العميل _من المفضل أن يتم جذب العميل وليس دفعه للشراء.
وذلك من خلال مداعبة اللاوعي، والعمل على امتصاص مشاعره السلبية حيال منتجاتنا أو خدماتنا.
يتم هذا باستخدام ما يسمى "كيماويات سعيدة"يفرزها العقل في الجهاز العصبي عند الشعور بالسعادة. فيمنحنا شعورًا مختلفاً عن غيره كهرمون الدوبامين المسئول عن التحفيز، والذي يُفرزه العقل لأخذ خطوة معينة.
معظم رواد الأعمال يقومون باستغلال التحفيز بطريقة خاطئة: (الدوبامين) حتى يُعطي السعادة بطريقة صحيحة، نكون قد قمنا بخطوة وأنجزناها فعلًا؛ فيكافؤنا اللاوعي من خلال ضخ هذه المادة للجسم لتشعر بالسعادة كوننا وصلنا لنتيجة معينة.
ولكن ما يقوم به الغالبية هو الإفراط بالخيال من أجل التحفيز بطريقة خاطئة فلا ننسى أن ( اللاواعي) لا يرى بالحواس كما نرى. _فلا يعرف إذا طبقنا عمليًا أو تخيلياً!
وإذا جعلنا العميل يعيش بالخيال دون تطبيق فلن يأخذ نتيجة من منتجنا، من هنا تأتي الشكاوى والرفض للمنتجات وهذا أمر خطير.
ليس هناك مشكلة في منتج أو خدمة معينة؛ بل هناك مشكلة بالطريقة التي نريد توصيلها للعميل. ونجعله يغير نمطه الفكري ليصل للنتيجة التي يريدها.
كلما كانت منشوراتي تتحدث عن المشاكل، سأجعل العميل بدائرة الخوف. وكأني أقول له خذ قرارًا بعدم شراء منتجي/خدمتي. وإذا قررت أن أخاطبه في منطقة التحفيز سأجعله مدمنًا على ذلك فيشعر بالسعادة فقط بدون نتيجة.
عادة يكون العميل في حالة الكورتيزول، بحيث يبحث عن حل لمشكلة معينة لديه أو للوصول لرغبة ما؛ دورنا أن نستعمل الدوبامين لنقله بخطوات سريعة وتحفيزه لأخذ نتائج سريعة.
لذلك نمرّر العميل بخطوات، نبدأ معه بمحتوى سهل يجذبه ويطبقه ويأخذ نتيجة، هنا نقوم بنقله إلى خانة الدوبامين ولكن بطريقة التطبيق وليس الخيال.
مثلًا : إذا كنت سأبيع المخللات والكبة كأطباق تزين مائدة رمضان. لن أقول للعميل أنا أبيع هذا المنتج تفضل بالشراء ..
ولكن سأجذب العميل لمجموعة أو صفحة عبر منصات التواصل الاجتماعي؛ وأعرض هذا المنتج بطريقة جذابة مع كلمات لطيفة عن رمضان وعن العائلة، والأطباق التراثية، وسأضع لهم الوصفات مجانًا وأطلب منهم تجربتها وابداء رأيهم .. وبعد ذلك أعلن عن وجود كمية محدودة لمن يرغب ...
معظم الشركات تفضل مخاطبة اللاوعي من خلال المحتوى النصي أو الدعائي بهذا الترتيب :
- العنوان أو المقدمة (دوبامين)
- عرض مشكلة العميل من خلال قصة أو مثال (كورتيزول )
- الحلول والقرارات (رضا الدوبامين والكورتيزول)
- دعوة للعمل أو نهاية سعيدة (الأوكسيتوسين)
هل مررت بتجربة تتعلق بذلك ؟ هل غيرت قرار أحد أو تغير قرارك باستخدام هذه الاستراتيجية ؟ بعض الأشخاص بارعون بذلك ضمنيًا
التعليقات