بمجرد الحديث عن ” القناعة “ سيتبادر إلى اذهاننا القناعة بالممتلكات و ما نملكه ، بينما سنتطرق اليوم إلى جهة مختلفة من القناعة و هي القناعة السلبية في الافكار ..

( القناعة كنز لا يفنى ) تًقال هذه العبارة عند امتلاك احدهم لشيء و لا يكون مقتنعا به ، أو حتى في حالته التي قد تكون تتراوح بين الممتازة إلى السيئة ..

و من المتعارف بأن القناعة أمر لابد منه ؛ ليعيش الانسان حياة هينة سعيدة ..

لكن هل سبق و تبادر إلى اذهانكم بأن للقناعة مفهوم آخر وقد يكون سلبيا ؟ نعم هناك مفهوم سلبي للقناعة .. و لكن ليس للأشياء و الأحوال و أنما للأفكار ! و ليس أيضا كما هو متعارف بأنه في أي جدال يجب أن يقنع أحدهم الآخر للفوز بذلك النقاش ..

بل هي نظرة أعمق للمفاهيم و القناعات المستعصية التي وضعها الشخص أو العالم ، و جعل منها أمرا مستحيلا حدوثه ..

 قصة ستشرح القناعة السلبية بطريقة سلسة .. 

قبل ما يزيد عن خمسين عاما ( تقريبا ) ..

انتشر بين الرياضيين المختصين بممارسة رياضة الجري قناعة ثابتة ، و هي بأنه لا يستطيع أي شخص أن يقطع مسافة ميل كامل في وقت أقل من أربع دقائق ، و أن من يفعل ذلك سوف ينفجر قلبه …

و كانت هذه القناعة قد انتشرت لدى المدربين من الكبار وصولا إلى الناشئين من الممارسين لتلك الرياض ، إلى أن جاء أحد الاشخاص و سألهم مستفسرا : هل حاول أحدهم أن يقطع تلك المسافة في أقل من أربع دقائق و أنفجر قلبه ؟

اجابوا جميعهم لا و لكنها قناعة متعارفة منذ خمسين عام !

فبدأ ذلك الشخص بممارسة التدريبات المكثفة ، حتى قطع ميلا كاملا في أقل من أربع دقائق ، و عندما أخبر الجميع لم يصدقه أحد إلى أن رأوه و هو يقطع تلك المسافة أكثر من مرة ظنا منهم بأنها محض مصادفة فقط …

بل تطور الأمر و أصبح ذلك الشخص يقطع مسافات أطول في أوقات قياسية !

و الجدير بالذكر بأنه في ذلك العام قطع نفس المسافة أكثر من مئة شخص .. !

و منذ ذلك الحين أصبح ” روجر بانيستر ” يشار إليه بالبنان في ذلك المجال ..

مفهوم القناعة السلبية .. 

القناعة السلبية هي الاقتناع بفكرة خاطئة ، أو رأي مجمع عليه دون التأكد من صحته !

لا ننكر أن في بعض أو أغلب الأوقات قد تكون تلك القناعات قابلة للتصديق ، و قد تريح الأشخاص الذين لا يحبذون البحث أو خوض المغامرات ، و يفضلون تصديق جميع القناعات و الأرآء المُجمع عليها ..

 بالرغم من أن البحث في قناعة أو رأي قد يكون له تغيير جذري في حياتك ، مهما كانت النتيجة سواء بالسلب أو الإيجاب !

إلا أننا هنا نتطرق عن القناعات التي من الممكن أن تقبل الرفض و الإيجاب ، و قد تقبل المحاولة من عدمها ..

فثبات قناعة لدى الشخص أمر مستحيل ، فالقناعات تتغير من حين لآخر والأجدر بنا البحث عن القناعات التي كنا نرى في وقت سابق بأنها صحيحة لا خلاف فيها و تحليلها ! و تجربة القناعات التي لا خطر في خوضها و التي من الممكن تحويلها من قناعة سلبية إلى ايجابية .

ما لذي قد يفيدنا في معرفة مفهوم القناعة السلبية ؟ و هل بالإمكان تغيير نظرتنا للقناعات ؟ 

كما سبق الذكر بأن القناعة السلبية تستطيع تغيير حياتك جذريا مهما كانت النتيجة !

فتخيل أن ذلك العداء ” روجر بانيستر ” الذي قطع المسافة التي كانت هناك قناعة بأن لا أحد يستطيع قطعها كيف ذاع صيته !

و تغير حاله من عداء عادي إلى شخص في موسوعة غينيز !

و ليس من الضروري أن تكون القناعة بتلك الشهرة الفائقة أو مهمة للناس بقدر أهميتها لك !

تغيير قناعاتك السلبية حول الاشياء سيفيدك أنت أولا دون غيرك ..

و بالطبع تغيير القناعات يبدأ بالبحث عن اساس صحتها ، و تجربتها في حال كانت القناعة قابلة للتجربة و الاختبار ..

اخيرا : 

ليس هناك قناعة ثابتة ، و لا مفهم ثابت ، و لا حتى قاعدة تنطبع على الجميع ! 

ما يناسب غيرك قد لا يناسبك و ما يناسبك قد لا يناسب غيرك ، 

تذكر ذلك دائما و ضعه في نصب عينيك .