هل تعلم من يُشاركك همومك؟
هل يوجد حولك بشكل مستمر أحد الأشخاص ممن يُشارككونك بهمومك؟ أم هل يوجد وقد لا يكون لديك تأكيد بأنهم هم من يشاركونك؟ وإذا لم يكن تعرفهم؛ أو لا تدري في الأصل من يشاركك همومك؟ هل ترغب في معرفة من يُشاركك همومك حقيقةً لا زيفاً ولا مجاملةً؟
هل تعلم أن هناك أصناف وأنواع لمن يشاركك همومك؟ هل تعلم أيُ صورة من صور المشاركة تكون هي الحقيقية والصادقة؟ في هذا الموضوع سنتعرّف على الأصناف وعددهم، وأنواعُهم، وما هيَتهم، إضافة إلى استعراض البعض من العلامات، ومن الصفات التي يُستدل بها عليهم المشاركات، مع بيان موجز لكل صورة من هذه الأصناف. كذلك وبالإضافة مع شرح ماهيتها وكيفيتها ونوعيتها؛ لتصبح على دراية واطلاع بعد أن تقرأ هذا المحتوى؛ لتتعرف على الصورة وملابساتها وفي كل مرة تجد فيها مشاركة أحدهم لك!
حيث سيكون بمقدورك في نهاية الموضوع أن تتمكن من التَعَرُّف على النقاط التالية:
- النقطة الأولى:
معرفتك التي تتلخص في فَهمِك لكل من يُشاركك همومك، أو أي نوع من تلك المشاركة، وكذلك أيضاً ما المراد منها.
- النقطة الثانية:
بمقدورك تحديد وتصنيف مشاركته، وكذلك أيضاً معرفتك لِنَوعها. ومن ثم تتصرف حيال ذلك وفقاً لما قد تراه مناسب.
- النقطة الثالثة:
تحليل هدفه من تلك المشاركة وتفنيده، ومن ثم بعد ذلك أيضاً حتى تستطيع وتتمكن من تَقْييم غايته.
- النقطة الرابعة:
تمْيِّيز مَن يُشاركَك، ومعرفة علاماتِه الظاهريَة، ودَلالاتِه من خلال تصرفاته؛ وذلك لكثرة فلتاته، ووضوح زلاته؛ وتضاعف هفواته؛ ولكن كل هذا ومن دون أن ينتبه لها، أو حتى يُركز عليها، وذلك بعدم تكرارها.
- النقطة الخامسة:
كيفية التعامل والتعاطي معه، وكذلك أيضاً التوصَّل إلى الطريقة المناسبة حيال التصَرُّف معه، والذي يُمكنك على إثرِه اتخاذ اللازم.
ولكن مهما تعددت الأدوات وتنوعت صور تلك المشاركات، واختلفت في وسائلها، أو كثُرت أسَاليبها؛ إلا أنها في نهاية المطاف لا تكاد تخرج عن الأصناف المحددة والموضحة في الأسطر التالية:
- الصنف الأول:
هو: صنف يُنصت لك؛ وذلك لأجل مواسَاتك ومساعدتك!
- الصنف الثاني:
هو: صنف يستمع لك؛ لأنه وجد فيك ما يُسلِّيه؛ ويُسَرِّي عنه!
- الصنف الثالث:
هو: صنف يتظاهر بالسماع منك؛ فقط لأجل مجاملتك؛ لأنه قد يخشى أن يُصارحك؛ ولكن مجاملته، من المحتمل أنها مُغلَّفة بمصلحة شخصية، أو بمنفعة يعمل على جلبها دون علمك!
- الصنف الرابع:
هو: صنف لا يسمع، وكذلك ولم يعد يستمع إليك؛ لأنه يرى بأن هذا صار يُؤذيه، أو يُشغله!
- الصنف الخامس:
هو: صنف لم يعد يهتم بالأمر؛ لأنه يرى بأن هذا قد أصبح بالنسبة لهم أمراً مملاً، وأيضاً لأنه يُشعرهم بأنه قد صار روتيناً ثابتاً!
- وأما الصنف الأول:
إنصَاته لك هو لأجل مواساتك ابتداءً، ثم مساعدتك بما يستطيع والوقوف بجانبك، والثبات معك، والاستمرار بكل هذا حتى النهاية؛ وبلا كلل أو ملل أو تذمر أو سخط أو تكدر.
وهذا الصنف يندر وجوده؛ والعلامة التي يُعرف بها والدلائل التي يتميّز بها، أن فعله اتِجاهك ومشاركته لك ووقوفه معك ليس مجاملةً؛ فهو لا يرجوا تحقيق مصلحةً أو حصول منفعةً؛ فَمعدنه كالذهب وأفعاله كالجواهر! فتمسك به، وإياك أن تخذله أو تتنكر له.
- وأما بالنسبة للصنف الثاني:
فاستماعه لك وسماعه منك، ودون إنصات واهتمام، وبلا تركيز؛ فهذا الصنف كل عمله وجميع أفعاله وأقواله ليست لك ومن أجلك؛ بل لأجل مُتعته وتسليته؛ وهذا الصنف من أولئك الذين يجدون متعتهم وتسليتهم ولا تكون إلا على هموم الآخرين. وهذا الصنف يكثر وجوده؛ ويندر معرفته ويصعب تمييزه؛ من أجل تحييده وإبعاده، والابتعاد عنه؛ والعلامة التي يُوصم ويُعرف بها، والدلائل التي تستطيع تمييزه عن طريقها! هي أنك ستلاحظ وستشعر إذا دققت وفَطنت؛ بأن جميع ما يخرج منه ويصدر إليك يشوبه تناقضاً واختلافاً، وتنوعاً وتفرعاً؛ وستجد أن نفسك تأباه لذاته، وقلبك غير مُتقبلاً لقوله ولكل مشُوراته! فكل ما خرج منه لم يكن من القلب؛ لأن كل ما خرج من القلب وَقَرَ في القلب.
- وأما أيضاً الصنف الثالث:
فهو يتظاهر دائماً أنه يستمع إليك وهو في الحقيقة لا يستمع؛ بل يُجاملك وفقط من باب المجاملة وحسب! وهذا الصنف قد لا تكشفه منذ اللحظات الأولى؛ وقد تنطلي عليك كل حركاته وأفعاله! نعم هو كذلك؛ لأنه ممثلٌ بارع، وقد يتقمَّص الدور وبامتياز، إن لم تكتشفه بسرعة.
وهذا الصنف وبشكل عام فهو إن لم ينفعك لم يضرك من حيث المبدأ؛ لكن وإن كانت أيضاً هنالك مضرَّة أو أذى، فتبقى محصورة الضرر؛ ولن يكون الضرر مُتعدياً. وينحصر ضررها فقط في أنك ستقضي وقتاً أكثر مما سيكون في الأصل لو علمت بذلك؛ لأنك ستظُن بأنه معك خطوة بخطوة ومُتابع للمستجدات وعارف لها وفاهم العلاقة بينها!
لكن للأسف، والعكس صحيح، وهذا الصنف كذلك يكثر وجوده؛ ولكن يَسْهُل عليك معرفته! فأما العلامة التي يُوصم بها ويُعرَف من خلالها، وكذلك الدلائل التي تستطيع تمييزه عن طريقها؛ هي بأنَّك ستلاحظ أنه لا يُعطي ولا يُبدي رأي! ولا يُبادر بالحلول! وشبه دائماً تجده هو من يسألك ويحثك ويطلب منك الحلول، وفي نفس الوقت يسألك عن رأيك فيما قدمته من حلول. فهذا لا يٌخشى منه؛ فهو ليس بذلك الخطر! بل بإمكانك فقط الإسْتئناس به؛ دون أن تجد منه رأياً سديداً أو مُبادرةً مناسبة لك ولمِوقفك.
- وبالنسبة للصنف الرابع:
فهو لم يعد يسمع لك ولا يستمع إليك؛ وهذا ليس شرطاً أن يُفسَر هذا التصرف على أنه عدم اهتمام! بل على العكس تماماً، قد تجده يهتم لك ولأمرِك؛ ولكن عدم سماعه لك أو استماعه إليك، قد أصبح يتأذى منه؛ وكذلك صار يُعاني ويتأثر! وكل تلك المعاناة والتأثر هي من أجلك وليسَت ضدك؛ لكن أصبح من النوع الذي لا تقوى ذاته ولا تحتمل نفسه مثل هذا. وهذا الصنف لن تحتاج إلى فِرَاسة ولا لعلامات ولا لدلالات؛ لأنك ستعرفه مباشرةً؛ وسيُعرِّف بنفسه كذلك! وهذا الصنف اجعل تعاملك معه سطحياً في أي موضوع يهمك أو يُضايقك!
ولا تتعمق معه في التفاصيل؛ حتى لا يتأذى ويتعب نفسياً؛ وكل هذا الأذى والتعب هو لأجلك ومن أجلك! ولكن لا يُمنع أن تُخبره وتُطلعه على الأمور التي تستجد وبكل تفاصيلها؛ وفقط الأمور الإيجابية والمُستجدات الحَسنة في ما يهمك. وكفاك من هذا الصنف أن يكون بجانبك فقط، وتستأنس بوجوده ولو معنوياً!
- أما بخصوص الصنف الخامس:
فهذا لم يعد يهمه أمرك حالياً، ولن يهتم له مُستقبلاً؛ وهذا الصنف لا يتخذ شكلاً معيناً، ولا نوعاً محدداً! وهذا الصنف مع كونه لا يتشارك معك، ولم يعد يهتم أو يهمه الأمر؛ إلا أنه يُعتبر أوضح الأصناف! نعم فهو واضح بالنسبة لك؛ وهذا الوضوح يجعلك على بينة منذ البداية.
فتَتَشَكَّل هيئته وتتخذ لها ثلاثة صُوَر؛ وكل صورة تختلف عن الأخرى؛ وهذا الاختلاف فإنه يكون اختلافاً كلياً، وذلك وفقاً للتوضيح والتمهير فيما يلي:
- الصورة الأولى:
وقوفه بجانبك واهتمامه لأمرك وشعوره بهمك، قد يكون هذا كله بدافع التمويه، والتمثيل لأجل مصلحة أو منفعة له؛ فبمجرد أن تتحقق تلك المصلحة أو يُحَصِّل تلك المنفعة؛ فبحصوله عليها تكون تلك نقطة التَحوّل والتغيُّر منه اتجاهك! وهذا علامته التي يُوصم بها، والدلائل التي تستطيع تمييزه عن طريقها؛ أنك ستلاحظ منذ البداية أن وقوفه معك، ومشاركته لهمومك، ليست سوى حركات وأفعال؛ خالية من المشاعر والأحاسيس. وحتى إن لم تتمكن من معرفته أو لم تُوَفق في تمييزه في بادىء الأمر؛ فلا تقلق! فهو شخصياً سيُعرِّف بنفسه، ومن ثم سييُظهِر لك حقيقتها؛ ولكن بعد ماذا ؟ فقد يكون هذا بعد فوات الأوان!
- الصورة الثانية:
وقوفه بجانبك واهتمامه لأمرك وشعوره بهمك، قد يكون هذا كله بدافع أهداف وغايات في نفسه؛ وإلى أن يحصل على تلك الأهداف، ويُحقق تلك الغايات، يتفاجىء بأن الوقت لم يعد يكفي، وكذلك المدة ستطول؛ وما سبق صار عكس ما توقعه وخِلاف ما خطط له وهذا علامته التي يُوصم بها، والدلائل التي تستطيع تمييزه عن طريقها؛ أنك ستلاحظ منذ البداية أن وقوفه معك، ومشاركته لهمومك، ليست سوى حركات وأفعال؛ خالية من المشاعر والأحاسيس. وإن لم تتمكن من معرفته أو تمييزه في بادىء الأمر؛ فلا تقلق هو سيُعرِّف بنفسه ويُظهِر لك حقيقتها؛ وقد يكون هذا بعد فوات الأوان!
- الصورة الثالثة:
أن حلقة الوصل التي تصل فيما بينكما، وكذلك الروابط التي تربطُكما، أو أية أسباب تَحْكُم العلاقة بينكما، كالزواج، وكالشَّراكة، وكالزمالة. ومع جميع ما سبق ذكره من أسباب وعلل؛ فبمجرد انتفاءِها، أو زوالها، أو انعدامها؛ تلقائياً يكون هذا التأثير شاملاً لكل التعاملات؛ فاختِلال الأصل في هذا الموقف حتماً ستتأثر منه الفروع.
فهل أصبحت الآن تُميَّز من يتشارك معك، أو يُشاركك همومك؛ وتَعرِف تحت أي صنف يندرج؟
بقلم: عَبْدَالله بِنْ سَلمَانْ السَحَّارِي