دراسة التاريخ "ترفٌ فكري" أم "ضرورة إنسانية"؟


التعليقات

هل ترى التاريخ مهمّا لنعرف حاضرنا ونتحضّر لمستقبلنا؟

للأسف هناك عزوف واضح عن دراسة التاريخ أو حتى التثقّف فيه. ونجد أن من يهتم بدراسة هذا المجال هم من محبّي التاريخ ولديهم شغف حقيقي وفعلي بتتبع تاريخ العالم والمنطقة وتاريخ البلد ذات نفسها.

برغم الأاهمية الكبيرة لدراسة التاريخ، على الأقل تاريخنا نحن المسلمين وما فيه من دروس عديدة لو استخلصناها وطبّقناها اليوم ربما لحللنا العديد من القضايا والمشاكل العالقة، ولما أصبحنا أمة ضعيفة تستجدي قوت يومها من الغرب!

هذا العزوف وإن فسّرته ربما لأن البعض يظن أن القراءة في التاريخ مملة وصمّاء. فيتّجهون لقراءة القصص والروايات بدلًا من التثقّف التاريخي ذات نفسه.

لكن ما رأيك بالأفلام الوثائقية التاريخية؟ هل تجدها بديلًا مناسبًا عن القراءة لمن لا يجذبهم المحتوى التاريخي في الكتب؟ لأن عنصر التشويق بها بلا شك أكثر من توظيف حواس السمع والبصر والتفاعل مع المرئيات أكبر.

ومع ذلك فالأفلام الوثائقية جيدة لكنها قليلة جدا في عالمنا العربي على عكس أوروبا التي فيها آلاف القنوات التاريخية مثل قناة History وقنوات Discovery التي بها قنوات مخصصة للتاريخ فقط...

فعلًا فأنا لم أسمع عن قنوات تُعنى بالجانب التاريخي من المحطات العربية سوى الجزيرة الوثائقية وناشيونال جيوقرافيك، وحتى أنها ليست متخصصة بالتاريخ، إنما تعرض بعض الفقرات فقط وبرامج معيّنة.

ولكن برأيك أ. أحمد، كيف يُمكننا ان نُحبب الأجيال بالتاريخ والتثقّف به؟ هل المناهج التعليمية لها يدٌ في نفور الأجيال عن التعرف أكثر على التاريخ؟

هل ترى التاريخ مهمّا لنعرف حاضرنا ونتحضّر لمستقبلنا؟

بالتأكيد، القراءة عن التاريخ ضرورية كى نتعرف على أصولنا، وماضينا. لكن كما قلت لا تلقى إقبالاً، وأنا أول مَن يعزف عن قراءتها لشعورى أننى سأمل منها بسرعة! لذلك أرى أنه بإمكانى قراءة أى كتاب، أو رواية فى أى مجال غير التاريخ!

نظراً لكونى لم أهتم من قبل بقراءة التاريخ، ماذا ترشح لى كى أبدأ به فى ذلك المجال؟

التاريخ يكتبه المنتصر!

عزوف الناس عن قراءة كتب التاريخ من وجهة نظري سببه الأول هو ما تضمنته العبارة السابقة.

عندما أتجه لقراءة رواية مثلا، أنا أعلم مسبقا أنها من وحي خيال مؤلفها، وسواء تشابهت مع الحقيقة أو إختلفت فالأمر لا يعنيني بالأساس، بخلاف كتب التاريخ والتي غالبا ما أذهب لقراءتها باحثا عن الوصول لحقيقة مؤكدة، وهو ما لا يتحقق غالبا، لأن كاتب التاريخ ليس محايدا في نقل ما حدث غالبا، وبالتالي فأغلبه لا ينقل لك الحقيقة الكاملة يا أحمد.

حسنا دعنا ننظر للأمر بعيدا عن أننا لنا ميول أكاديمية بعض الشئ، ولننظر للأمر من وجهة نظر الشباب الذي يبحث عن كتاب ليقرأه.

ما الذي قد يجذبه لقراءة كتاب مشكوك في مصداقيته أصلا؟!

أتفق معك في طرحك بالمناسبة، ولكني أرغب في طرح آراء الشباب بهذا الخصوص، كوني أكثر إحتكاكا بهم بحكم عملي الأكاديمي.

حسنا يا أحمد، طرحت العديد من الأمور، دعنا نفصل فيها نقطة نقطة:

التدرج في مراتب الثقافة

من الذي وضع قاعدة أن الثقافة لابد فيها من دراسة التاريخ، كل المجالات تقود لذات النتيجة فلماذا هذا الإتجاه أصلا؟!

الذي يقرأ أفضل ممن لا يقرأ أبدا

اسمح لي أن أختلف معك هنا يا أحمد، فالقراءة في الطريق الخاطئ نتائجها أسوأ بكثير من عدم القراءة، لا أخص مجال التاريخ بالذكر، ولكن بشكل عام هناك أمور الجهل بها لا يضر والعلم بها لا ينفع، وأمور أخرى الجهل بها أفضل من العلم بها، فلا يجوز أبدا أن نعمم القاعدة سالفة الذكر.

من أخبرنا أن الكتاب مشكوك في صحته

الشواهد الحياتية تقول ذلك، نحن عايشنا أحداثا كثيرة في بلادنا العربية بشكل عام وشاهدنا كيف تم توثيقها في كتبنا، الأمر لا يحتاج لأن نسمع من أحد، كذلك المؤرخون أنفسهم هم من يعيبون في كتابات بعضهم البعض!

من يحق له التشكيك

الجميع يحق له التشكيك يا أحمد حتى لو لم يكن مطلعا، بل إنه مبدأ عام لكل قارئ.

أتذكر ما قال الراحل أنيس منصور بهذا الخصوص:

" إذا كنت تصدق كل ما تقرأ، لا تقرأ! ".

حسنا يا أحمد أتفق معك أن دراسة التاريخ هي أحد الطرق المؤدية للثقافة بشكل عام، وأنه أيضا لا يمكن أن أشكك في تاريخ الفرس وأنا لم أطلع عليه يوما.

وأنا لا أشكك أبدا فيما ذكرت من أمثله، وأثق تماما في أمانتك العلمية في النقل والسرد، ولكن ...

لماذا أولا ترفض مبدأ الشك بشكل عام، في رأيي أن هذا المبدأ كان سبيلا لكثير من الإكتشافات والإختراعات، فلو صدق كل جيل بما أخبره به الجيل السابق، لما كانت هناك حضارة ولما كان هناك تقدم ولما كان هناك تاريخ!!

كذلك الحال بالنسبة للقاعدة القانونية، لست متخصصا بشكل عام، ولكن ما الذي يمنع صحتها من وجهة نظرك، أليس ذلك أفضل من العكس؟!

المشكلة في مجال التاريخ بشكل عام أننا نعتمد فيه كليا على ما تركه السابقون، بخلاف أغلب المجالات الأخرى التي يمكنك فيها أن تجرب بنفسك لتحكم على صحة الشئ من عدمه.

فمثلاً لو أردت دراسة تاريخ الأندلس، فلا مفر من الرجوع إلى مراجع محددة هي التي نستقى منها ما وصل إلينا من تاريخها والأحداث التي مرت بها.

ومهما تعددت المصادر، فهي محددة ويمكن حصرها، وكلها يعتمد بشكل كلي على أقوال صاحب المصدر!

وهنا أود أن أسألك يا أحمد كونك من المتخصصين، هل يوجد في علم التاريخ علم مشابه لعلم الرجال في الحديث؟

بمعنى أنك يمكن أن تتيقن من صدق وصحة ما يرد إليك من رواية تاريخية من خلال سلسلة من المؤرخين الثقات أو ما شابه؟

إن كان الأمر كما تقول يا أحمد فكيف يتمكن المؤرخين المعاصرين من التيقن حول صحة ما يرد من روايات، مصدرها هو الشخص نفسه!

بالنظر مثلا لعلم الحديث فرغم وجود علم الرجال إلا أننا لا نزال نواجه يوميا من يشكك في أحاديث معينة، ويعتمد على التجريح في شخص الناقل، والذي يتخلل مجموعة من الرجال قبله وبعده، فما بالك برواية لا مرجعية لها سوى صاحبها!!

كنت سوف ابدأ تعليقي بنفس الجملة.

التاريخ يكتبه المنتصر!

شخصيا عشت جزء هام من تاريخ سوريا المعاصر.

وشهدت بنفسي كيف يتم تزوير الاحداث ... التي سوف توثق بالاخير كمراجع تاريخية.

الجميع بلا استثناء قام باقصى تزوير ممكن.

من ناحية ثانية ...

طريقة دراستنا للتاريخ في المدارس كانت مملة . حفظ١٠٠% ( كانت اسوء علاماتي في مادة التاريخ وبأحد السنوات اصبحت بالاحمر ).

ربما لو تعلمنا التاريخ بهدف فهم الواقع كان افضل.

مثل دروس الجغرافيا التي تشرح اسباب تغير الفصول وطول النهار.

لقد حصلت على درجة النجاح فقط في مادة التاريخ في الصف الثالث الإعدادي، وأتفق معك أننا واجهنا مشاكل جمة بخصوص طريقة تدريس هذه المواد.

أتذكر ذلك الكتيب الصغير الذي كان يحتوى على التاريخ والحدث بجانبه حتى نقوم بحفظه قبل الإمتحانات!!

الملاحظة على ثقافة القراء العرب الميل لقراءة الرةايات بدرجة أولى، أما كتب التخصص فلا تلقى الكثير من الاقبال إلا فيما يخص التخصصات التقنية التي يجد أصحابها أنفسهم مضطرين عليها لتطوير أنفسهم.

هل ترى التاريخ مهمّا لنعرف حاضرنا ونتحضّر لمستقبلنا؟

من المؤكد أن التاريخ مهم، فمن لايعرف أصله لا هوية له.

التعمق فيه وفي تجارب الأمم السابقة يعطينا الدروس لتجنب اخطائها واختيار قرارات أفضل

مما لاحظته هو عدم الإقبال الكبير على كتب البرمجة والتصميم حتى وهي باللغة العربية ومتعوب عليها من قبل أكاديميات عربية مثل اكاديمية حسوب التي لم تدخر جهدا في تقديم كتب أكثر من رائعة مجانا للجميع..

مؤسف حقا الوضع

بالنسبة للترشيحات، أعتقد يمكنك قراءة:

الاندلس من الفتح الى السقوط

حضارة العرب لغوستاف لوبون

قصة الحضارة لويل ديورانت


التاريخ العام

جولة على تاريخ العالم سواءً القديم أو الحديث او المعاصر ، في كافة الحقب الزمنية ، والأحداث التاريخية..

62.4 ألف متابع