في مكتب صغير بشركة كبيرة، جلس "سليم"، شاب في بداية مسيرته المهنية، يعمل محاسبًا مبتدئًا. كان يصل إلى العمل في الوقت المحدد ويؤدي واجباته بدقة، لكنه كان يعود كل يوم مثقل بنفس الهموم: راتبه -بالكاد- يغطي متطلبات معيشته، ولم يُلاحظ أحد جهوده.
كانت إدارة الشركة آنذاك تنظر إلى الموظفين كأرقام في التقارير، لا كأشخاص طموحين وذوي أفكار. لم تكن هناك برامج تدريبية، ولا حوافز، ولا مجال للتقدم إلا من خلال المحسوبية. غالبًا ما كانت الإدارة توظف مستشارين من خارج المؤسسة برواتب باهظة، بينما كان موظفو الشركة يفتقرون حتى إلى أبسط فرص التطوير.
رغم إحباطه، لم يفقد سليم شغفه أبدًا. كان يقرأ في وقت فراغه، ويتعلم برامج جديدة، ويحل مشاكل معقدة في التقارير المالية دون أن يُطلب منه ذلك. لكنه كان يعلم أنه طالما بقيت هذه الإدارة في مكانها، فإن جهوده ستذهب سدى.
وكما هو الحال، مع كل قصة تنتظر التحول، حدث ما لم يكن متوقعًا: تغيرت الإدارة. تسلم فريق إدارة جديد زمام الأمور بشعار واضح: "نؤمن بالموظفين قبل الأرقام". بدأ الفريق بلقاءات فردية مع الموظفين للاستماع إليهم. وعندما جلسوا مع سليم، قدّم رؤية مبسطة للاستفادة من مواهب الموظفين بديلًا عن الاعتماد على مستشارين من خارج المؤسسة.
أُعجبت الإدارة الجديدة برؤية سليم. وبعد بضعة أشهر، رُقّي إلى قسم الموارد البشرية، ومع مرور الوقت، أصبح مدير الموارد البشرية في المؤسسة.
كان أول قرار اتخذه هو وضع خطة شاملة لتطوير الموظفين:
· خطة قصيرة المدى: شهران من التدريب المكثف على المهارات الأساسية لكل قسم.
· خطة متوسطة المدى: برامج لتطوير القيادة والإدارة للموظفين الواعدين خلال عام.
· خطة طويلة المدى: إعداد المواهب الداخلية لتكون جاهزة لتولي مناصب قيادية خلال ثلاث سنوات.
بدأ الموظفون يشعرون بالفرق. أصبحت الرواتب أكثر عدالة، وفرص التدريب متاحة للجميع، وأصبح الاستشاريون الخارجيون خيارًا لا ضرورة.
لم يكن حلم سليم أن يصبح مديرًا، بل أن يُعامل بإنصاف. وعندما يحقق ذلك، يُساعد الآخرين على تحقيق ما يستحقونه أيضًا.
الرسالة: أحيانًا، لا تحتاج المؤسسات إلى تغيير العالم الخارجي، بل إلى إعادة النظر في موظفيها، حيث قد يمتلك بعضهم الحل، إذا أُتيحت لهم الفرصة.
شاركني رأيك: هل الحل من داخل المؤسسة أم من خارجها؟
التعليقات