على حافةِ الهاوية، وتحديدًا حدودِ نهايةِ شهر ديسمبر، شهرِ الكتابةِ الحرّة، أقفُ على أعتابِ سطحِ منزلِنا أُحاولُ تأمُّلَ السماءِ الواسعة. تتقاذفُ الأفكارُ داخلَ رأسي، أُحاولُ صياغتَها بشتى الطرق، وينتهي بي المطافُ وأنا أُردّدُ ببكاءٍ شديد:

يا إلهي، لقد تحوّلَ حبرُ قلمي إلى حجر! منذ سبعةِ أيامٍ استنشقتُ هواءً سامًّا، ممتلئًا بالكثيرِ من الفتور، تلك الحالةِ التي أُمقتها مَقتًا شديدًا. سرى الهواءُ إلى داخلِ رئتَيَّ الصغيرة، مما أشعرَني بالثقلِ وعدمِ القدرةِ على صبِّ أفكاري بينَ أوراقِ دفتري.

اليوم، أُحاولُ تحريرَ نفسي من قيودِ الفتور. أتناولُ قلمي بيدٍ مرتعشة، وبقوةٍ كبيرةٍ أُكسِّرُ ذاك الحجرَ إلى نصفين، لينصبَّ منه حبرٌ دامسُ اللون، هزيلُ الجسم، شاحبُ الوجه. ثم بصورةٍ سحريةٍ بارعةٍ يلتئمُ الحجرُ مرةً أخرى، وبابتسامةٍ ساخرةٍ يقول لي:

"تحطيمي لن يفيدكِ، القيدُ كلُّ القيدِ يكمنُ داخلَ رأسكِ. انظري إلى يديكِ المرتعشة، كان بإمكانكِ أن تستلهِمي حروفَ حُريتكِ مني، وبدلاً من قتلي كان بإمكانكِ تقبيلي."

وكيفَ بإمكاني تقبيلُ حجر؟

"في قانونِ الجماد، كلمةُ (تقبيل) تُعادلُ كلمةَ (كتابة). ببساطةٍ مربكةٍ، ارسمي حروفي هكذا: حاء، ثم جيم، يليها راء. اُكتبيني في دفتركِ، حوِّليني بواسطةِ قلمكِ من جمادٍ أصمٍّ إلى ناطقٍ، بارعٍ، مُلهِم. وبإمكاني أيضًا أن أكونَ بطلاً."

#فاطمة_شجيع