المخدرات كلمة إذا سمعناها صدفة سنقول "اللهم عافنا"، رد فعل مبني على أُسس مجتمعية راسخة منذ قديم الزمن؛ فنحن مرتبط لدنيا سماع كلمة "مخدرات" بالخراب، وضياع الصحة والأموال، والتفكك الأسري. رغم مشاعر الاشمئزاز هذه إلا أن ظاهرة تعاطي المخدرات تظل منتشرة بين شبابنا، وهم يدركون إدراكًا تامًا ما هي النهاية. فلماذا قد يضر شخص نفسه حتى إن علم عواقب فعله؟ هذا ما نعرفه عن التأثير المجتمعي للمخدرات لكن ما هي أصل الحكاية؟

المخ يتكون من دوائر عصبية عديدة تتراسل فيما بينها، كل خلية عصبية تنقل نبضة عصبية للخلية المقبلة. إذا كانت النبضة العصبية كافية لإثارة الخلية ستقوم الخلية بدورها للخلية المقبلة، وهذه هي الدورة. فلنعتبرها دائرة كهربائية متعددة المفاتيح، عند قفل المفتاح الكهربي ستُرسل الكهرباء للمفتاح المقبل، إذا كانت الكهرباء بقدر معين ليست زائدة تدمر المفتاح المقبل ولا ناقصة حتى تقوم بتشغيله ستتم العملية. الكهرباء المتحكمة في انتظام الدوائر داخل أجسامنا هي عبارة عن مواد كيميائية تفرزها الخلايا العصبية. 

هنا يكمن تأثير المخدرات على مخنا فهي تؤثر بطريقتين مختلفتين لكن الناتج النهائي واحد وهي زيادة هذه المواد الكيميائية. الطريقة الأولى أن المخدرات تماثل التركيب الكيميائي للمواد الكيميائية الطبيعية في المخ مثل الماريجوانا والهيروين. أما الثانية هي أن المخدرات تقوم بتحفيز الخلايا العصبية لإفراز كميات أكبر من المواد الكيميائية الطبيعية كالأمفيتامين أو الكوكايين. وفي الحالتين إذا استمر استخدامهم سيعتاد مخنا على هذه الكميات ولا يستطيع التأقلم مع كميات أقل من ذلك، و هو ما نسميه "الإدمان". يجب أن ندرك أن مخنا هو القبطان الذي يبحر بالسفينة وسط العواصف والأعاصير لذا يلزم أن يكون في كامل وعيه حتى يصل بالسفينة إلى بر الأمان. شعور رائع في بداية التجربة من السعادة والانتشاء لكن في النهاية هي سعادة مؤقتة لن تستمر وسندفع الضريبة أضعاف مضاعفة من الهلاك الجسدي والنفسي. 

أستعجب كثيرًا من انتشار التعاطي في شرقنا الأوسط فحسب "منظمة الصحة العالمية/المكتب الإقليمي لشرق المتوسط" أن انتشار اضطرابات تعاطي المخدرات في إقليم شرق المتوسط يبلغ 3500 لكل 100000 نسمة، وأن انتشار تعاطي المخدرات حقناً هو 172 لكل 100000. بالرغم أن الدخل المادي في مجتمعنا العربي ليس بالكثير، وبضع جرامات المخدر بالآلاف.

إذن ما العوامل التي تساعد على انتشار هذه الآفة؟ و كيف يمكننا أن نتغلب عليها؟ و هل عاصرتم حياة مدمن من قبل؟