الحارس الخفي: ليلة من الغموض والنجاة في طريق الطائف
كنت أقود سيارتي على الطريق السريع، متجهاً نحو مدينة الطائف، وهي تبعد عن مكة حوالي 400 كيلومتر تقريباً. كان الوقت منتصف الليل، والطريق خالٍ تماماً من السيارات الأخرى، إلا من بعض الشاحنات البعيدة التي تلوح أنوارها في الأفق بين الحين والآخر. الطريق كان مظلماً إلا من إضاءة المصابيح الأمامية لسيارتي التي تخترق ظلام الليل، والطريق كان يتعرج بين المنحدرات والجبال، خاصة في منطقة تُعرف باسم السيل الكبير.
تلك الليلة كانت هادئة على نحو غريب،،،،
وكنت أشعر بشيء غامض في الهواء. كلما ابتعدت عن مكة وتوغلت في عمق الطريق الصحراوي، كان الشعور بالغموض يتعاظم بداخلي. لم أكن خائفاً، ولكن كان هناك شعور يشوبه الحذر، كأنني على وشك خوض تجربة لن أنساها.
في منتصف الطريق،،،،،
وعلى مشارف منطقة السيل الكبير، شاهدت في الأفق شخصاً يقف على جانب الطريق. كان يبدو كرجل بدوي، يرتدي ملابس تقليدية، ويبدو أنه من سكان القرى المجاورة للطائف. تردد للحظة في أن أوقف السيارة، لكن شيئاً بداخلي دفعني للتوقف. توقفت بجانبه، فنظر إلي بهدوء شديد، كأنما كان يعرف مسبقاً أنني سأتوقف له. لم يكن من النوع الذي يتحدث كثيراً، ولا حتى قدم تحية عندما فتح الباب وجلس بجانبي.
بدأت الرحلة مرة أخرى،،،،،
ونحن نقطع الكيلومترات الأخيرة نحو الطائف. الرجل الجالس بجانبي كان غامضاً، نظرته ثابتة نحو الأفق، لم ينبس ببنت شفة طوال الرحلة، وأنا أيضاً لم أسأله أي شيء. كان الطريق مظلماً أكثر من المعتاد، والانعطافات التي تتخلل الجبال زادت من توتري. كلما تقدمنا في الطريق، أصبحت المنعطفات أكثر حدة، والمطارح أكثر خطورة.
عندما اقتربنا من منطقة الجبال الوعرة،،،،،
حيث الطريق يتعرج بين المنحدرات الحادة، فقدت السيطرة على السيارة فجأة. في لحظة مرعبة، انزلقت السيارة نحو الهاوية. صوت الإطارات وهي تحتك بالأسفلت كان يصم الآذان، وشعرت بالدوار عندما بدأت السيارة تميل نحو الجبل. لثوانٍ قليلة بدت الأمور وكأنها النهاية. كنت على وشك السقوط في تلك الهوة المظلمة التي تمتد أسفل الجبل.
فجأة، استيقظت من حالة الارتباك، لأجد السيارة متوقفة بهدوء على جانب الطريق. لم أفهم ما حدث. كان الحادث متوقعاً، كنت أشعر أنني على وشك الموت، ولكن كيف توقفت السيارة بهذه السرعة؟ كيف انتقلت من السقوط إلى الأمان؟
رفعت رأسي ببطء،،،،،
ولاحظت أن الرجل الذي كان يجلس بجانبي لم يعد في السيارة. بدلاً من ذلك، كان يقف بجانب السيارة في الخارج، هادئاً كما كان من قبل. سار بهدوء نحوي، ولمس كتفي بخفة، ثم قال بصوت عميق وهادئ: "هل أنت بخير؟"
لم أستطع النطق بكلمة واحدة، فقد كنت مذهولاً مما حدث. كيف توقفت السيارة؟ من أنقذني من السقوط؟ وكيف اختفى الرجل بهذه السرعة ليكون خارج السيارة قبل أن أدرك حتى ما يحدث؟ كان هناك العديد من الأسئلة تدور في رأسي، ولكن قبل أن أتمكن من النطق بأي شيء، سمعته يقول لي وهو يبتعد عني بخطوات هادئة وثابتة: "كانت مهمتي أن أحميك هذه الليلة".
نظرت إليه بينما كان يبتعد،،،،،
ولاحظت كيف أن شكله بدأ يتلاشى تدريجياً في الظلام. كانت كلماته تتردد في أذني كالصدى: "كانت مهمتي أن أحميك". لم أكن أفهم ماذا يعني، ولم أستطع حتى تحديد من كان هذا الرجل. هل كان شخصاً حقيقياً؟ أم أنه كان كائناً غامضاً؟ هل كان ملاكاً أو روحاً مرسلة لإنقاذي؟ الأسئلة كانت تزداد في رأسي، ولكن الإجابة كانت بعيدة المنال.
جلست في السيارة للحظة، أستجمع أفكاري. ثم تابعت طريقي ببطء وحذر. وصلني الشعور بأنني كنت محمياً تلك الليلة من قوة غامضة، قوة لم أكن أدرك وجودها من قبل. وعندما وصلت إلى الطائف، لم أستطع نسيان ما حدث. تلك الحادثة الغريبة علّمتني درساً مهماً: ليس كل ما هو غامض أو غير مفهوم يمثل تهديداً أو خطراً.
أحياناً،،،،،
هناك كائنات غامضة موجودة لحمايتنا وإرشادنا. قد لا نراها دائماً، وقد لا نتحدث معها، ولكنها تظهر في اللحظات الحرجة لتقوم بمهمتها ثم تختفي. قد تكون تلك الكائنات أرواحاً مرسلة لحمايتنا، أو قوى خفية لا نفهم طبيعتها، ولكنها موجودة لتمنحنا فرصة جديدة للحياة.
بعد تلك الليلة، تغيرت نظرتي للحياة. أصبحت أكثر وعياً بأن العالم مليء بالأسرار التي لا ندركها. قد نواجه في حياتنا مواقف غير مفهومة، وقد نصادف أشخاصاً أو كائنات تأتي وتذهب دون تفسير، ولكن علينا أن نؤمن بأن هناك دائماً من يراقبنا ويحرسنا في هذه الدنيا الفانية.
كلما تذكرت تلك الليلة، شعرت بالامتنان لتلك القوة التي أنقذتني، وشعرت بالطمأنينة بأنني لست وحدي في هذا العالم.
الرجاء علق بالصلاة على رسول الله .. اذا كنت تريد ان تسمع رعب منتصف الليل الجزء الأول: قصر راجيف الملعون.
التعليقات