جلست اذاكر واقلب افكاري فقلت لنفسي ان للملل رهبة رهيبة و سلطة سليطة ، يدخل فلا يتفلّت ، يُزجِرُ ولا يُزجَر ، اساليبه حقيرة متربصه ، منقطعة منغِّصة ، خدّاع مكّار ، ذهّابٌ للإفكار ومسيّرُ كل عار ، سبب للمتالف والمكاره ، يعطيك الشك والارتياب ، ويغلّقُ امامك شتى الأبواب .
ترقبتُ الحال والأحوال ، فهي لا تَسُرّ القلب ، يعجز العقل عن فك نفسه من هذه الحالة ، يخاطب نفسه معاتبًا ، انا من دخلت كل صراع مرير ، ولم انم حتى في اجمل سرير ،قاتلت أعتى المشاكل وحللتها ، فأنا في جهد جهيد ادفع وادافع الشديد العتيد ، حتى يعيش حاملي في الرغد الرغيد ، والسعد السعيد .
أيعجزني ملل رخيص زهيد ، يدفع كل شر مكيد ، ليخرج ذاك الجميل من حصنه الرشيد.
لا والله لا اقبل .
ان مزيل الملل ومراتعه ، والسقم و مخادعه هو الإنشغال بالمعيشة ، التخطيط والتدبير ، الرشد والترشيد.
أناظر عن يميني وإذا بي أرى تلك الخضار اليانعة اللامعة ، تتصنع اللذة ، تنظر لي بكل حدة ،تقول بصوت ثابت : لنعمل الشوربة .
اخلط كل مكونات اللذة ، بهارت هندية أمسكتها وحركتها الف يد ويد ، بحركة فنية دقيقة أضع الملح الحكيم ، فيوازن الطعم الطعيم ، اقطع البقدونس الخلاّب ، ارفعه في السماء واسقطه بضربة بهلوانية اثارت الحيرة ، وزادت من حدة الوتيرة ، فأجد اليد تتحرك بلا هوادة ، تضع من هذا وهذا الزيادة ، اما اللسان يأتي بمدائحه الرنانة ومخارجه وكلامه المبهرج ، يطري على العقل الامين بفعله الرزين ان اشغل الحال وعدل الأحوال .
في نهاية قول الحديث تصدّع عيناي الرقيقتين بصحن الشوربة الرزين ، أصفرٌ يشير الى ذاك الجمال الجميل .
ملاحظة : الشوربة من اعدادي الكامل ٠- ١٠٠ ، ولاصلة لباكيت شوربة الماجي الذي في الصورة بشيء.
التعليقات