من خلال مساهمة صخر القواسمة
صاحب المساهمة يسلط الضوء على إشكالية هامة جدا في سوق العمل عموما، والعمل الحرّ خصوصا، هي المقارنة والمفاضلة الدائمة بين الخبرة والمهارة.
في المساهمة أعلاه، تم وصف الخبرة بكلمة (العمق) في المهارة، وفي هذه المساهمة ومساهمات أخرى تم التأكيد على أنها تطابق مفهوم (التخصص)، وانقسمت الآراء بين مؤيد ومرجح لسمة التخصص في الموظف / المستقل، بينما أكد آخرين على ضرورة اكتسابات باقة متنوعة من المهارات من أجل مواكبة التنافس الشرس والتطور اللاهث في مجالي العمل والتقنيات التابعة لذلك.
أشار أكثر من مستقل إلى مسألة أكثر أهمية، وهي الاستغلال الرأسمالي للشركات الذي يدفع دفعا بالجميع إلى حشد عدد من المهارات بالنسبة إلى الشخص الواحد (3 في 1) على حد تعبير صخر، وهي ملاحظة في محلها تماما، أنا نفسي، أكثر من مرة، لما فكرت في توظيف أحدهم، سألت عن شخص يجيد الترجمة، البرمجة، التصميم، والتسويق معا. ليس لتوحيد تلك المهارات لتوليد كفاءة عالية، لا .. بل كان تفكيري منصبا على توفير شخص واحد يوفر علي بعثرة المال هنا وهناك!.
أولا لنكن متفقين أن استغلال الشركات لا حدود له، لا محل للجدال أو النقاش حول هذه المسألة هنا -ربما في مساهمة أخرى- وعليه، يُطلب من المستقل المتخصص، أو متعدد المهارات، أكثر مما عليه أن يُقدم فعلا. مثلا إذا كان هناك متخصص في الجرافيك، يستطيع تصميم قطعة ممتازة خلال ساعة واحدة، ويسعى إلى تخفيض سعر منتجاته، ليس لأنها سيئة، بل لأنه قادر على إنتاجها بسهولة، وبالتالي سوف يلجأ إلى تخفيض السعر كمنهجية متوقعة في التسويق والمنافسة على البيع. فقط لأنه لا يهدر كثير من الوقت أو الجهد، كما أنه لديه الأدوات اللازمة، يمكنه إذن تقديم منتجه بسعر ممتاز. مع ذلك، سوف يلجأ البعض إلى تخفيض السعر أكثر، متحججا بأن المنتج غالبا سوف يكون ردئ بحكم أن سعره منخفض، وسوف يطلب الكثير والكثير من التصميمات في وقت مضغوط جدا (فعلت ذلك من قبل مع أكثر من مصمم). أما من لديه مهارات عديدة، سوف يطلب منه العمل على أكثر جهة لتقديم أكثر من خدمة إلى الشركة أو المشروع الذي يعمل عليه.
بالنسبة إلى المهارات المتعددة، في الواقع، طالما لا يوجد طفرة معينة بالنسبة إلى مبدع أو مبتكر مستقل، لا يرجع الباقي إلى رأيي أو رأيك، نحن نحتاج إلى إحصائية دقيقة للتعرف على أيهما أهم في سوق العمل، التعدد أم التخصص، المهارة أم الخبرة؟. ولا مجال هنا للنقاش حول عدد من المهارات الأساسية، بل أقصد المهارات الاحترافية، ولكن محترف عن محترف يفرق، هناك تعطي الخبرة مكانة أعلى.
للإجابة على هذا السؤال، سوف استعين بنماذج سابقة، معمول بها، وتحظى بدعم إحصائي هائل، أقصد هنا مجالين تحديدا، هما الأكثر أهمية على الإطلاق لاتصالهما الوثيق بحياة الإنسان على المستوى الأكثر خطورة (حياة أو موت)، أقصد هنا
الطب، والقانون.
نعرف أن جامعاتنا تفرض عليك نظام يجبرك على تعلم كل شيء حول الطب في ست سنين، وفي السابعة تخصص (ليصحح لي أحدكم)، حتى لو كانت فروع قد تبدوا أقل أهمية بالنسبة إلى الثقافات الأمية، مثل طب الأسنان، والجلدية.
بالنسبة إلى القانون، لا يمكن أن تصبح قاضي أو وكيل نيابة إلى بعد المرور على القانون كله، وبعدها يمكنك -في نوع من التخصص- أن تصبح قاضيا أو نائبا.
لذا، أعتقد أن المرجح، هو مرورك على كل المهارات المطلوبة لخدمة مجال ما، قبل أن تصبح متخصصا، وترتقي بمستواك الوظيفي. مثلا، الجوكر في مجال صناعة الملابس الجاهزة، هو صنايعي قادر على التعامل مع أي ماكينة خياطة / حياكة، أغلب الجوكرات مطلوبين جدا في المصانع، ليس بالضرورة من أجل استغلالهم، بل لأن المصنع قد يستغني عن مهنة محددة، أو يكون عنده نقص يمكنك أنت أن تسده. في مجال التسويق، المسوق لا يبيع، وأحيانا لا يجلب العملاء، هو فقط يعمل مجموعة من الأمور الأخرى التي قد تجلب تفاعل أو متابعين أو تجعل لك ظهور أكبر. ومسؤول المبيعات قادر على البيع والتعامل مع مشاكل البيع لكنه لا يلتقط أي عملاء من المتابعين أو المتفاعلين. الأول يجلب عملاء لمنتج غير محدد، والثاني يحاول أن يبيع إلى عملاء غير موجودين. هنا لا ينفع التخصص بشكل تنفصل فيه المهارتين عن بعضهما.
لطالما كان البحث عن عمل عمل صعب جدا.
التعليقات