توَّقفتُ مضطرًّا - بسبب ظروفي الصِّحِّيَّة - عن إعطاء دروس النَّحو
وبما أنَّ المعاش الحكومي ضئيل ولا يسمن ولا يغني من جوعٍ كما تعلمون
فقد باتت كتبي وملفَّاتي التَّعليميَّة مصدرًا مهمًّا ولا غنى عنه في مواجهة أعباء الحياة
ولذا .. فرجائي ممَّن يحصل على أيٍّ من هذه الملفَّات أن يتَّقي الله فيها .. فلا يسرِّبها .. ولا يهديها .. ولا ينشرها .. ولا يعيد بيعها
هذه الكلمات الأستاذ يسري سلال، مدرّس للنحو، ومصاب بقرحة الوريديَّة في السَّاق لمدّة 9 سنوات. وقد تابعتُ الإستاذ يُسري منذ سنواتي الأولى في الفيسبوك، لا أعرفه وليس في دولتي حتّى، كنتُ أحبُّ النحو فقط، اتضّح لي شيئًا فشيئًا أنَّ الرجل يعاني من قُرحة مزمنة لا يستطيع لها دفعًا.
تغطية العلاج كانت مرهقة على ميزانيته، حاولتُ في 2017 أن أساعده، قلتُ له أنّ لدي 30$ في خمسات، ولا أظنّك بحاجة لها فأتبرَّع، لكنِّي أستطيع أن أشتري خدمة إعلان مموَّل بذلك، لعلَّك تحصل على من يتبرَّع لك بأكثر من هذا المبلغ، قمنا بنشر حملة فيسبوك مدفوعة، الإعلان جلب 4200 مُعجب، لكن لم يتبرَّع له أحد.
بقي الأستاذ يُسري يحاول أن يحصل على الدعم لرحلة علاجية مدفوعة، لكنّه يئس وكلَّ، فحاول أن يتَّجه إلى أحد أنواع العمل الحر، وهو بيع الكتب وموسوعات أسئلة النحو المُمتعة، حاول تحقيق بعض الدخل الإضافي الذي أفاده في تلك الفترة.
فرحتُ قبل فترة عندما رأيته يتعالج في فرنسا، بعد جمعه لمبلغ كافي ورعاية بعض المتبرِّعين له بعد سنوات طويلة.
هذه القصّة جعلتني أفكّر: كيف يمكننا أن نتعامل مع العمل الحر إذا كنّا نعاني من أمراض مُزمنة؟
قد لا تعبّر قصة الأستاذ يسري عن التحوّل بوضوح للعمل الحر، فأردتُ قصّة أوضح، بحثتُ حتّى وجدتُ سلسلة مقالات لكتابة أجنبية مقعدة: بيبا، كاتبة في العمل الحر تعاني من مرض مُزمن، يُدعى التهاب الدماغ والنخاع العضلي، الذي يسبّب التعب والإرهاق بشكل دائم حتّى مع الراحة والنوم.
شُخِّصت بيبا بهذا المرض عام 2015 عندما كانت في الجامعة، ثمّ أدركت أنّها تحتاج إلى المرونة والسيطرة على حياتها، ومرضها يصعِّب عليها العمل في مكتب تقليدي، لهذا قرّرت الاتجاه للعمل الحر.
منذ ذلك الحين عملت لتحقيق دخل مجدي في العمل الحر، لديها مدوّنة ممتعة، وقد تعلّمت طريقة التعامل مع مرض مُزمن، وإيجاد معنى في العمل رغم هذه الظروف.
من النصائح التي تنصحها بيبا لمن يريد أن يجرّب العمل الحر في هذه الظروف:
- كن صادقًا مع نفسك، قدراتك وحدودك. واجه العملاء بوقت توفّرك ولا تضغط على نفسك في مواعيد التسليم.
- ابحث عن مجتمع داعم بنفس معاناتك، مجموعات أو منتديات.
- خطّط لوقت عملك على مستوى طاقتك المتوفّرة في ذلك اليوم، كن مرنًا لتغيرات مفاجئة
- استمع لجسدك واهتم بنفسك أولًا!
التعليقات