يعد بيير بورديو (Piérre Bordieu ) واحد من أهم علماء الإجتماع في القرن العشرين في فرنسا، والعالم أجمع. إهتم بدراسة أنماط السيطرة الاجتماعية من منظور مادي إقتصادي، و بيّن أهم العوامل والفروقات في ما سماه بـ الحقول الإجتماعية . أصبحت كتبه و دراسته و نظرياته محطة إهتمام كثيراً من علماء الإجتماع و دارسي هذا العلم.

و في كتابه Les formes du capital ( أشكال رأس المال )، ذكر بورديو 4 أنواع مختلفة من رأس المال :

  1. Le capital Culturel (رأس المال الثقافي) : تعليم الشخص، ،و ما يمتلكه من مهارات و معرفة ثقافية ، و اللغات... كلها تعد من رأس المال لدى الفرد.
  2. Le capital Social ( رأس المال الاجتماعي) : و يثمل في مكانة الشخص في المجتمع و مدى تأثيره ، و علاقاته مع الناس و دائرة الأصدقاء و مدى نفوذهم . فأمتلاك أصدقاء ذوي جاه أو مال يعد من أهم أنواع رأس المال.
  3. Le capital symbolique (رأس المال الرمزي) : كالشهادات ، والجوائز، و الأوسمة و الألقاب... و فى الوقت الحالي، يعد شهرة الفرد فى التواصل الإجتماعي من أهم أنواع رأس المال الرمزي.
  4. Le capital économique (رأس المال الإقتصادي) : وهو ما يتمثل بممتلكات الشخص المادية.

من خلال هذه النظرية (التي أوردتها مختصرة دون الاسهاب في التفاصيل)، يتضح لنا أن رأس المال لا يختصر فقد على المادة/المال. الشكل الرابع ، و إن كان من الاهمية بمكان، الا أنه ليس على هرم أشكال رأس المال . فما فائدة مليون دولار إذا لم يكن صاحبها يحسن مهارة إدارة الأعمال و المال مثلاً ؟أ و إذا كان لا يمتلك شبكة معرفية قوية ؟ أو ذو سمعة سيئة و غير قادر على التواصل الفعال ؟ أو....

كيف يمكن تحويل الأشكال الاخر الى رأس مال مادي ؟

يعبر إمتلاك مهارة عالي الطلب في عصرنا من أهم موارد الفرد، و الإستفادة منها يتوقف على قدرة الفرد على تحويل شكل رأس المال (ثقافي، إجتماعي، رمزي) الى مادة ملموسة و من ثم توظيف ذلك في سبيل تنفيذ مشروعه. الواقع والتاريخ شاهدان و مليئان بنماذج نجحت في هذا الإطار. و على سبيل المثال :

  • لاعب كرة السلة الشهير شاكيل اونيل كان يمتلك رأس مال ثقافي ( مهارته في لعب كرة السلة) ، فاستطاع بناء ثروة ، مما مكنه بعد ذلك في فتح شركة لبيع الأحذية.
  • بطل الملاكمة السابق أندرو تيت هو الآخر أسس ثروة كبيرة (ليس من الملاكمة)بل جراء نفوذه في مواقع التواصل الاجتماعي. وقد ذكر مرة " في عصرنا الحالي، لا تحتاج الى المال، بل الى خلق تأثير و نفوذ، بعدها، المال يتبعك أينما ذهبت".

القائمة تضج بأمثلة و شواهد من أناس كانوا لا يمتلكون رأس مال إقتصادي قوي، لكنهم إستطاعوا بعد إتباع تقنيات و آليات منوعة..تحويل رأس مالهم سواء الثقافي و الاجتماعي أو الرمزي ، الى رأس مال إقتصادي هائل.

و أنت أيها القارئ، أراهن أنك تمتلك مشروعاً قد إتخذت كل التدابير و الحيل ، و سلكت كل مسلك في سبيل الحصول على رأس مال من أجل تمويله كي يرى النور... لكنها باءت بالفشل. الآن و بعد قراءتك لهذه المساهمة، فكر رويدا :

أي أشكال رأس المال تمتلك؟

ما هي الآليات و الاستراتيجيات التي تمكّنك من تحويلها الى رأس مال إقتصادي ؟

ما رأيك بهذه النظرية و هل من الممكن تطبيقها؟

و هل سبق و أمتلكت شكل من أشكال رأس المال و حوّلته الى رأس مال إقتصادي ؟

ماذا تنتظر، شاركنا برأيك و تجربتك