كانت هذه نصيحة احدى الصديقات لي خلال فترةٍ من أشدّ فترات حياتي يأساً وقتامة ، وقتها لم تكُن لديّ رفاهية الإختيار ما بين التجاوز من عدمه ولا القدرة على النظر الى الأمور واستشفاف الحكمة من وراء الأحداث بصورة واضحة ، فالحزن والصدمات تضاعفُ فينا كلّ معاني العجز والضبابية والتشويش وتفقدنا قدرتنا على التفكير بشكلٍ منطقيّ أو بطريقة عقلانية .

الكثير من الصّدمات التي خيّل اليّ في وقت ما بأنّي لن أسلم من تبعاتها ولن أتجاوزها ما حييت ومهما حاولت. حدثُ الموتُ وغياب من أحبهم هو الأصعب على الإطلاق ، تركَ موت من أحبهم أثراً بالغاً في نفسي وحتّى اليوم لا أجدني استطيع التصالح مع حقيقة الموت ولا تفهمه .. أما الغيابُ فلم يكن بالحدث الذي أحسن التعامل معه كذلك ، لكن الأمرَ الجيّد هو أن مرور الوقتِ اعطاني متّسعاً للتناسي وقدرةً على المواصلة بشكلٍ لم اكن اظن نفسي قادرة عليه أبداً ..

منذ مدّة قرأت وصيّة لجُبران خليل جُبران يقول فيها " لو فقدتَ ما فقدتْ ولو كسّر الحرمان أضلاعَك ، سَتجتازُ هذة الحياة ، كما يجتازها كلّ أحد قبلكَ ، فاختَر الرّضا يهُن عليكَ العُبور " ، قادتني هذه العبارة وغيرها للتفكير في أننا ربّما لسنا مُطالبين بالتجاوز بشكلٍ تام فهو في نطاق ما لا نملكه ، لكننا في المقابل مُطالبين حتماً بالمضيّ ومواصلة السعيّ الذي خُلقنا لأجله .