لم أشارك تجربتي؟
لكل فرد يعيش معاناة صامتة بعيدا منزويا في ركن من أركان عالمه الداخلي، قد يبدو منفتحا أو قويا أو واثقا، لكنه الوحيد الذي يعلم أن هناك شيئا على غير ما يرام يزعجه. لأجل كل هؤلاء أقول، لا خجل من زيارة معالج نفسي. بل حتى إن احتاج الأمر لزيارة طبيب نفسي افعلوا ذلك. إنها حياتكم، أعيدوا تركيب قطعها من جديد حتى تجدوا ما يسعدكم.
أدخل عيادتها، تصافحني ملقية التحية وتدعوني للاستلقاء. تجلس خلفي وتدعوني لوصف ما يجول بذهني بكل حرية. نعم أنا أزور محللة نفسية!
لست أعاني من اضطراب نفسي وإلا لاستدعى الأمر زيارة طبيب نفسي وليس معالجا نفسيا.
ما الذي دفعني إلى ذلك إذا؟ ببساطة لأني أحيانا لا أشعر بشعور جيد عن نفسي. فكما نقول "أنا على غير ما يرام، أحتاج طبيبا" عندما يتعلق الأمر بالجسد كذلك الأمر بالنسبة للنفس. أو ربما هو أكثر أولوية وتعقيدا من الألم العضوي. لأن سعادتنا مرتبطة به. هذا إن كانت سعادتنا أولوية في حياتنا! فحتى ونحن نتشدق بهذا التعبير، واقعيا لا نقوم بما يسعدنا أو يوصلنا لتلك السعادة المنشودة.
أريد أن أغير ما أستطيع تغييره. والنتيجة أنا اليوم شخص أفضل من ذي قبل، ليس بفضل العلاج النفسي فحسب فلم أبدأ به إلا مؤخرا، لكن بفضل جهد بضع سنوات. الوقت وكثرة الاطلاع ساعد في إضفاء بعض التغييرات أيضا.
قراءاتي انكبت على كتب المساعدة الذاتية ذات التوجه النفسي بالخصوص. أقرأ وأطبق ما أقرأه على نفسي أولا. أنشر بعض ما أقرأه مترجما بمدونتي. أريد أن أتغير وأن أساعد من يود ذلك.
لكن مع ذلك تركت الأمر سرا، لم؟ لعدة أسباب، خوفا من ردود أفعال المحيطين، لعدم ثقتي في تقبل مجتمعي لذلك. لكني مقتنعة تماما بجدواه وهذا هو الأهم. الكتابة عن الأمر اليوم هو خطوة أخرى في مسيرتي.
بم أفادني العلاج إلى غاية الآن؟
كان أول ما لاحظته محللتي النفسية "أنت تحللين كثيرا"، قالت في إحدى الحصص. جملة بسيطة كان لها وقع كبير علي. نعم لأول مرة ألاحظ ذلك. أعلم أني أحب التحليل لكن لم أكن أدرك أني أطبقه على كل شيء!
عبارة أخرى نطقت بها محللتي، وهي قليلة الكلام في حصصي العلاجية، وهي أن أضع جانبا كل ما قرأته في الكتب عن العلاج النفسي. "لا تستطيعين أن تكوني معالجة لنفسك" هكذا صاغت خلاصتها. بالفعل، اقتنعت بما قالت. هذا لا يعني أني سأتوقف عن قراءة ما يعجبني، بل فقط سأترك مهمة تحليل نفسيتي لشخص آخر أكثر مهنية ودراية مني.
لم أوردت هاذين المثالين؟ لأبين لكم أن ما قد تكتشوفنه في العلاج النفسي لم يخطر ببالكم من ذي قبل. وهذا وحده، في نظري، مشجع على خوض التجربة.
كيف هي تجربة العلاج النفسي؟
مختلفة من معالج لآخر، ومن شخص لآخر. قد تنغمسون في المشاعر المزعجة بعد كل حصة علاج لكنه أمر طبيعي. قد تشكون في مدى فعالية العلاج ككل، هذا وارد. قد لا ترتاحون للمعالج، وهو طبيعي جدا ومتوقع، يمكنكم تغييره حتى تعثروا على من ترتاحون له.
الخلاصة: هي تجربة منفردة وذلك ما يميزها.
محللة نفسية، لم؟
بعد قراءتي لكتاب الدكتورة جونيس ويب عن الإهمال العاطفي أثناء الطفولة، اقتنعت أن الكثير من تركيبتي جاءت من طفولتي، وبسبب اطلاعي وقراءاتي عرفت أن التحليل النفسي سيساعد في سبر أغوار تلك التجارب القديمة التي بنت شخصيتي. لكن مع هذا الاقتناع لم آخذ خطوة عملية إلا بعد قرابة السنة والنصف من قراءتي للكتاب.
زرت معالجة نفسية أولى، لم أشعر معها بالارتياح فقررت عدم الاستمرار. وزرت الثانية فقررت تجربة بعض الحصص قبل الحكم.
في حالتي، اخترت علاجا نفسيا طويل الأمد، لأن هدفي فهم شخصيتي وتغييرا جذريا، وهذا الشيء يتطلب وقتا، وصبرا، ومالا أيضا. هناك عدة أنواع أخرى من العلاج النفسي تختلف حسب اختلاف الهدف المنشود.
وكما تقول معالجتي النفسية "أنت تعيشين حياتك ولا تعيشين حياة شخص آخر". فلا تجعلوا آراء الآخرين وقناعات المجتمع الخاطئة تمنعكم من طلب المساعدة التي تظنون أنها ستساعدكم وتسعدكم.
لكم كل الحق في السعادة والشعور بشكل أفضل :)
التعليقات