في عالمنا العربي ومنذ زمن ليس ببعيد بدأت تطفو على السطح ظاهرة أخصائيي التغذية - مع أنها مجهولة المصدر العلمي والشهادة - وتنتشر بشكل واسع وكبير بين الناس مع ازدياد رغبتهم بالظهور بمظهر أنحف تزامناً مع الدراسات التي تتحدث عن السمنة وآثارها السيئة عن الجسم و الترويج الإعلامي ايضاً للجسم الرشيق ومفهوم معين للنحافة من الممثلات وعارضات الأزياء وكل من يظهر في التلفاز ..كل هذا جعل الريجيم والنحافة والرشاقة الشغل الشاغل للناس عموماً والنساء خصوصاً ..
مما زاد التوارد على هؤلاء الاخصائيين حتى قبل أن يكون هناك اقسام لدراسة علوم التغذية في الجامعات - السورية تحديداً-..
ومنذ ذلك الوقت نما في داخلي بشكل غريب ودون سبب معين كراهية أو مقت تجاه هؤلاء ، ليس كأشخاص وإنما كمهنة هدفها في النهاية هو هدف مادي بحت ، ليس كسب المال فقط ..لا أبداً ، بل حتى جعل الزبون يخسر عدد معين من الكيلوغرامات من وزنه هو هدف مادي أيضاً دون أن يفكر هذا الأخصائي بنفسية الشخص الماثل أمامه أو يناقشه فيما يحب ويكره من الطعام ، أو السبب الذي يجعله يتناول الطعام بكثرة ، أو ربما السبب الذي يجعله يرغب في خسارة وزنه ..ثقته بنفسه أمام الآخرين و حب الآخرين المشروط له ..
وتطورت هذه المهنة حتى صار اخصائي التغذية يسمى ( دكتور ) و يصف ادوية في بعض الأحيان ، دون أن يكون له صلاحية بكتابة وصفة طبية حقيقية لأنه في النهاية ليس طبيب..ومع ذلك تجد أن لكل واحد منهم وصفة غذائية ونظام معين يعطيه لكل من يأتيه طالباً خسارة الوزن يطبعه له ويسجل بعض المعلومات التي يحصل عليها من جهاز قياس الوزن ونسبة الدهون والعضلات في الجسم...وادفع المعلوم الذي عليك دفعه كل زيارة ولو كانت خلال اسبوع لتحصل على تلك الورقة التي تتغير أو لا تتغير..
التطور الأخير الذي طال هذه المهنة هي المطبخ الذي يقوم بتجهيز قائمة الحمية الغذائيةوإرسالها لك إلى المنزل جاهزة للأكل ليس على الشخص غير تسخينها في المايكرويف وتناولها دون أن يزعج نفسه، وذلك مقابل أكثر من 100$ شهرياً ، قد يبدو للبعض مبلغاً بسيطاً لكن بالنسبة لبلد متوسط راتب الموظف فيها 50$ فإن هذا المبلغ يعتبر مهولاً للغاية..
أعرف أن الريجيم نظام صحي ونشاط للجسم وليس كسل حتى عن تحضير الطعام!!..
لست ضد التخلص من السمنة والوزن الزائد..أنا أؤيد نظام حياة صحية ولكن باعتدال و طريقة معقولة ودون أي تكلف بالأفعال والطعام..
فعلياً لا أعاني من بدانة ولكن يمكن اعتبارها زيادة بسيطة في الوزن وتبين السبب أنها أسباب وراثية لا يد لي فيها ..
وحاولت كثيراً أن لا ألجأ لهذا الخيار الأخير والذهاب إلى أخصائيةتغذية لكن لم يعد هناك أي وسيلة أخرى
وفي النهاية قررت الذهاب كي أحصل على نظام غذائي عام أكون قادرة على تنفيذه بشكل عام ودائم ، ليس على غرار ( الفطور : رغيف خبز اسمر مع 50 غرام جبن أو لبن أو بيضة..الغداء : ربع كوب رز مع كوب خضار و 50 غرام زيت ..) وإنما يعطي نصائح عامة لحياة غذائية صحية تحوي جميع الأصناف الغذائية التي يحتاجها جسم الإنسان ..
وعندما طلبت هذا الطلب من الاخصائية تبرمت بوجهها و تجهمت و بدأت تسرد لي ماسمعته سابقاً عن أهمية التغيير وعن أنه يجب أن ألتزم بنظام صارم للتخلص من بعض الكيلوغرامات الزائدة وأنا أحاول أن أوصل لها عن صعوبة التقيد بنظام خاص في منزل يحوي ست أشخاص ولست أنا من أطهو فيه ولا وقت لدي لأقوم بطبخ طعامي بنفسي ..قدتبدو هذه حجة واهية للبعض لكن في النهاية لن أقوم بهذا الأمر وأنا أعرف أنه بعد توقفي عنه وعودتي لحياتي الطبيعية سيعود كل شيء لحاله..
قلت لها كاذبة أن الأمر لا يسبب لي أزمة نفسية ، ولكن هي لم تكن تكترث لهذا الأمر من الأساس ولم يكن يعنيها ولم تكن تهتم بالاستماع لي و معرفة ما أريد..
الأمر برمته بات تجارة..حتى صحة الناس صارت تجارة..
استفدت من هذه التجربة و جلوسي معها بأني خرجت أكثر ثقة بنفسي وبما أنا عليه و رافضة لهذا الأسلوب التجاري الذي يجعل من المرء سلعة كي يكون أفضل في عيون الآخرين وينال نظرات الإعجاب منهم و الرضا..
*في النهاية الجسم المثالي مجرد كذبة اخترعها البعض وروج لها الإعلام و في يوم ما كان هذا الجسم المثالي هو ما يدعى اليوم بدانة..
التعليقات