على قارعة الطريق كنت أنظر لعلي أرى ذلك الوجه الذي طال شوقي إليه وجه أبي. كم تمنيت أن أراه في وجوه الآخرين ولو تشابهن أرواحهم أو ملامحهم مع ما غاب عني منذ سنين

ما زلت أبحث عنك في تلك العيون الحزينة المرهقة وهي تسير ولا تراني ما زلت أنتظرك، حتى لو كنت مجرد طيف من ذكرياتي، ظلّك يا أبي لا يترك لي سوى الفراغ.

والصمت.كل الأرصفة كانت مليئة بذكرياتي، لم تمحَ من قلبي، أما أنت فبدوت كأنك قد نسيتني، وكأن الرياح حملتك بعيدًا عني.

أتذكر يوم أمسكت يدك لتشتري لي لعبتي؛ حينها شعرت بالأمان والدفء، واعتقدت أنك لن تنساني أبدًا. لكن الأطياف، يا أبي، لا قلوب لها، وتناثرت مع الغبار . أما أنا فلا زلت أذكر طعم تلك الحلوى، لم تعجبني حينها، إلا أني أتمناها، كأنها الوصل الوحيد بيني وبين روحك الغائبة.

على قارعة الطريق، ما زلت أنتظر عودتك، حتى لو لم تعد، لأن انتظارك وحده يجعلني أعيش على ذكراك، ويمنحني شعورًا أنني ما زلت أملك جزءًا منك، جزءًا لا يزول رغم الغياب الطويل، رغم كل الصمت الذي تركته خلفك.