لقد توقّف المطر الآن
لم يعد ذلك المطر يهمر عليّ بعد الآن
ولم تعد أصوات نحيب السماء تُثير رهبتي
وكلماتك المصوغة بالكذب لم تعد تبهرني.
وأنت يا عزيزي، قد أصبحت الآن ككلّ الحضور:
حاضرٌ هنا، ولكنك لست موجودًا.
هل تعلم؟ أحيانًا لم تكن حاضرًا
لكنّك كنت دومًا موجودًا.
لم تعد الأشياء كما كانت
وحتى المعنى قد فقد معناه
والفكر الرئيسي الذي كان متجذرًا في داخلي
أصبح عبارة عن هراء.
كل ما كنت أهرب منه لم يكن سوى ضوضاء فكري
ولم يكن هدفي السموّ والوصول إلى السماء
كما فسّرت أمي وكما اعتقد الآخرون.
لعلّي كنت أبحث عن شيئٍ ما
كان واضحًا أمامي، لكنه بعيد قبالتي.
وإنني أفكر كثيرًا
وأفكر أكثر أمام الأشياء الصغيرة
وأضيع فيها
تلك الأشياء الصغيرة التي لا تُلاحظ
ولا أحد يعيرها أي أهمية.
تلك هي أكثر ما يقلقني
لأنني أعتقد أن هذه الأشياء
هي ما تمهّد الطريق أمام الأشياء الكبيرة
كتلك الانهيارات التي تحدث فجأة، دون سبب
في وقت الصباح الهادئ
حيث الجميع نيام
وتكون الشمس قد أشرقت بهدوء.
نعم، هذه الانهيارات
قد جاءت نتيجة الأحداث الكبيرة
وإنني قد تعبت كثيرًا… كثيرًا.
لم أعد أريد أن أعرف ولا أن أعلم
وهذه الذكريات تؤلمني
ولكنها أيضًا ما تصنع كينونتي أنا.
ربما لولا هذه الذكريات
لما كنت أنا كما أنا الآن
ولأصبحت مثل الآخرين
أولئك الذين يهتمون فقط بقوت يومهم
أولئك الذين يسيرون بخطى حذرة
ويتبعون الأسطر دون محاولة الخروج عن النص.
وأحيانًا أخرى، أنظر إليهم وأتمنى أن أكون مكانهم
لأن معرفة أغلب الأشياء
والتفكير بأدق التفاصيل
مؤذٍ جدًا.
أنا لا أريد أن أكون هنا بعد اليوم.
ليتني أستطيع أن أولد من جديد
لكنني، هذه المرة، لا أريد أن أولد بهيئتي البشرية هذه.
أريد أن أكون شيئًا آخر،
شيئًا لا يتألم أبدًا
ولا يؤلمه قلبه كل صباح
ولا يكون منظر عينَيه حزينًا دومًا،
ولا يُجبر على التزييف لكي يُقبل.
أريد أن أكون شيئًا حقيقيًا… لا زائفًا
لا شعورًا مؤقتًا
ولا طريقًا لتحقيق رغبة فُنيت
أو حلمٍ قديمٍ لأحدٍ ما
ظلّ عالقًا في صغره
وحاول أن يفرضه عليَّ لأعيشه بدلاً عنه
التعليقات