لم نتسائل يوما ،ولا خلال أيام مضت،وربما لم يحاول أحد منا أن يقارن وأن يمعن النظر مليا،في المجتمع أو بالاحرى العلاقات الاجتماعية ،إلا أنني فعلت وكررت ذلك مرارا،لأنني أود أن أخلص إلى نتيجة حتمية،يرضى عليها الجميع،لكن الرضى المحتم أمر صعب ،لتضارب الاراء وتناقضها ،إلا أن هذا لا يمنعني بتاتا بأن أعرض رأي حول العلاقات الاجتماعية،أيها السادة ظهر جليا أننا في عصر كاد أن يلهمنا بسرعته ودقته المتناهية من حيث أغلبية المجالات،لكن كل هذا التطور وأكثر،وجدت نفسي أنني أستنتج جملة من الملاحظات"تطور ديناميكي=غياب التفاهم الاجتماعي"لم أسنتج هذا من تلقاء نفسي وليس إختيارا إعتباطيا،تمعنوا معي جيدا،أنكم في مناسبة إجتماعية ،إستمر التحضير لها أيام وشهور،من أجل إرضاء الجميع،وعند مقابلة الافراد والعائلة يظهر جليا أننا نفتقر إلى الاحاسيس المجتمعية التي لاشك أن قديما كان يسودها المحبة والشوق لرؤية من تعزه أفئدتنا،دون ان نغفل غياب أو ذلك اللحمة الاجتماعية التي كانت سائدة من قبل،فإذا نظرنا في الايام التي مضت ،نجد أننا نتحد ونتعاون ونقف جنبا إلى جنبا هذا ظل للأخر وهذا ينصح هذا وهذا يساند ويقف بل يضحي من أجل أن تعم الساعدة على هذا،تضحية محبة مساندة وووو دون مقابل ودون أي سبب لذلك ،فقط شعور راسخ في الوجدان دفعنا إلى فعل ذلك،...لضيق الوقت ولكون الكلمات لا تستطيع أن تشرح كل ما في الاذهان ،أكتفي بهذا القدر،السؤال الذي يطرح نفسه ،كيف تغيرنا هكذ؟هل حقا التطور هو الدعامة لذلك أم أننا لازلنا نجهل السبب وندعي ذلك فقط لقصر فهمنا للحياة؟
العلاقات الاجتماعية بين نبض السلف وهوس الخلف
لا يمكننا إسناد فقر العلاقات إلى التطور التكنولوجي فقط، هناك عوامل كثيرة قد تسهم في ذلك، ومنها غرس قيمة العلاقات بين الأبناء منذ الصغر، منذ نعومة أظافرهم، يؤسفني أن أقول لك وما أستنتجته من خلال مناقشة أجريتها مع مجموعة من أقاربي تتراوح أعمارهم بين 12 - 22 سنة وكان موضوع النقاش عن العلاقات وكيفية التعامل معها والأولويات بالعلاقات، لكن للأسف صدمت من أرائهم وكيف يتعاملون مع العلاقات، العلاقات ضعيفة وهشة ويزنوها بميزان مادي بحت بعيد عن أي مشاعر وهذا برأيي كارثي ومنحني رؤية سوداوية عما قد يحدث بالمستقبل بخصوص إدارة الأجيال القادمة للعلاقات.
أجل نفس الشيئ الذي إستنتجته أيضا،حقا هناك فئات جمة تلقي اللوم على التطورفي شتى المجالات لم أخص بحديثي التيكنولوجي فقط،لكن عندما أسأل أسلافي وعن الاجداد أجد حقا علاقتهم تدعو للدهشة وعندما أستمع إلى الروايات التي يسردونها لي بخصوص العلاقات الاجتماعية ،أفكر مليا هل حقا كل هذا كان ولما لم يعد كائن،وكيف ستكون،كل هذا يرفرف في أذهاني،إلا أنني ادركت أن العلاقات الاجتماعية في طريقها إلا الاندثار مستقبلا إن أستمر الحال كما يعرضه لنا واقعنا الكائن
لكن ما هو الذي يجعلها أكثر عرضة للاندثار، التطور التكنولوجي ليس بذلك المبرر القوي، المشاعر نفسها أصحبت أكثر قسوة وتعقيدا، ما السبب الجوهري لها؟ هل يعتبر مثلا المال وتوفره هو السبب، المال هو هم الشخص الأكبر في هذا العصر، المناصب والوظائف والعلاقات وكل شيء، أو لنقل أي صراع ستجد أن المال هو أساسها..
لا أتفق معك بتاتا اختي في هذه النقطة،مسألة المال لا علاقة لها بهذا المجال،سوء التدبير وهمجية الانسان هي السبب ،ونحن نذهب ونلقي اللوم على المال،الله جعل لنا هذه الوسيلة لتسهيل الكثيير من الامور في الحياة،لكن العقل البشري ولمحدوديته لم يتمكن من إدارة الامور بنجاعة ،لذلك أجد أنه لخطأ كبيير أن نوجه كل المعضلات بإدعائنا أن المال هو السبب،حقا لا أوافقك الرأي فكم من شخص إمتلك الملياديرات وهو في حالة رخاء وينعم بحياة ممتعة ،ويحافضون على العادات القديمة ولما لا نقول حتى بعض العلاقات المحمودة،لذلك أجد أنه لخطأ أن ندعي ونلح أن المال سبب للمشاكل،وهو على العكس من ذلك يذهب المشاكل،لكن تبقى عقلية الانسان وتدبيره الناجح هو المفتاح الذهبي لذلك
منذ الثورة الصناعية تغيرت ملامح المجتمعات وتأثرت بهذه المتغيرات الجديدة لكن بنسبة ما ظل التغير محصور في كل محتمع على حدة، لكن بعد ثورة التكنولوجيا وانفتاح العالم على بعضه، تغيرت ملامح المجتمعات وتأثرت، وظهر مصطلح العولمة، فما هي العولمة؟ هي ببساطة أن العالم أصبح كما يقولون قرية صغيرة، تم استيراد ثقافات أخرى غريبة على مجتمع ما من مجتمع آخر وتأثر أفراده، وعلى حسب الأقوى يتأثر الأضعف ويقلده. ففي كل حقبة زمنية يسود مجتمع ما ويقوى خاصة على الجانب فيقلده الأضعف، ولكن ليس كل من هو أضعف يُقلد، لا من نسي أصله ونسي من هو. ولا ننسى القاتل الصامت وهو الإعلام، الإعلام اعاد تشكيل المجتمعات، فنستورد الأفكار من مجتمع آخر يتم دسها في الإعلام، تُستنكر فترة من الزمن أو يستنكرها جيل من الأجيال ومع استمرارها ينسى الجيل الثاني قيم مجتمعه الأصلي فيبدأ يتعامل مع هذه الأفكار أنها أفكاره وقيمه. واريد أن اضرب نفس المثال الذي ذكرتيه في عرس ما لم تعد هناك الأُلفة التي كانت من سنين ليست بكثيرة؛ اتدرين لماذا لأننا نعيش الآن في مرحلة التصنع، قديماََ لم يكن هناك مثل هذا التصنع ولا يوجد مثال يقلدونه، لكن الآن أصبحنا نريد أن نعمل حفلة زفاف مثل الممثلة الفلانية أو الإنفلونسر الفلانية، حتى الفرحة أصبحنا نرى أن الفرحة هي بوسائل التعبير كما في المسلسلات والأفلام بهذا النوع من المبالغة الشديدة، كل هذه التراكمات صنعت جو مُصطنع غير طبيعي، فمن البديهي أن لا يفرح لا العريس والعروس ولا المعازيم!!
ببساطة هو كأنك تعطين السمك طعام القطط حتى لو كانت أفخم الطعام لن يتقبله، فهذا ما حدث معنا كل هذا التصنع لم يفيد الإنسان ولا يتناسب معه ويجعله يشعر بالغُربة عن نفسه.
حسنا يمكن قبول مسألة التصنع كركيزة أساسية مساهمة في هذه الظاهرة،لكن أعرف فئات إن لم نقل قليلة لازالت تحافض على هذه اللحمة الاجتماعية وتسعى إلى إبقاءها محفوضة وراسخة داخل الجدار الاجتماعي،رغم أنهم أدركوا جيدا مصطلح التصنع والاحتكاك بالثقافات الغربية وكل الاسباب والعوامل التي قد تختر على بالكم ,إلا أنهم حافضوا على علاقاتهم الاجتماعية من الاندثار،لكن يا أسفا على شعرة واحدة في وسط حشد هائل كم يلزمها لتنشر وتغير ما هو كائن ،تحدثت عن الثورة الصناعية ،وأيضا الازمات التي شهدها العالم في شتى الميادين،أخبرك أختي أنه بعد كل هذه الازمات لم نلاحض بتاتا أي تغير ملموس على مستوى العلاقات ,إلا أنه بدا جليا في بداية القرن العشرين هذه الظاهرة تنتشر وتذهب لطريق لا يحمد عقباه
هناك نقطة أخرى يجب أن ننظر إليها يا شيماء، وهي النظر لحال الأشخاص في حد ذاتهم. فحتى المجتمعات التي حافظت على لحمتها، ربما حافظت على لحمتها مع عدم ادراك متغيرات الواقع الجديد، فإنسان هذه الألفية لديه العديد من المتطلبات التي تجعله منهمك أغلب الوقت، كما أن هناك العديد من المتطلبات التي يُثقل بها الإنسان نفسه وهي ما أنزل الله بها من سلطان.
ونقطة أخرى مهمة جداََ وهي السوشيال ميديا، فالآن يجلس أفراد الأسرة سوياََ وكل منهم يمسك بهاتفه ويعيش في عالم آخر تماماََ على حسب ما يتابعه، فرغم وجود الأفراد في نفس المكان إلا أن الأرواح لم تلتقي .
أقبل ردك وأتفق معك أشد إتفاق أختي آية ،لكن بالله عليك ألا تعرفين أشخاص قلائل يؤمنون بمسألة التطور و... لكن هم لا يقلدون ذلك،أعرف بعضهم،لذلك لا يمكن إعتبار وسائل التواصل أو شيئ من هذا القبيل هو السبب ،لكن مايبقى حال الانسان هو ربما إن لم نقل السبب الرئيسي لذلك ،ومن هنا يبدوا منطقيا الاتفاق معك،لكن حال الانسان وحدها لا تمكننا تفسير لذلك،نظرا لكون طبع الانسان وحاته متغيرة بين حين وأخرى،أي أن العلاقات هي الاخرى متغيرة بين حين وأخرى،لكن الاصل ومنبع الشيئ لا يمكن أن يتغير أليس كذلك إذا قبلنا إقتراحك؟
لا يمكننا الجزم بأن التطور التكنولوجي و التقدم الذي وصلنا له في أيامنا ذهذه هو السبب في ذلك، ولو نظرنا من جهة المنطق نرى أن التكنولوجيا سهلت التواصل بدرجات كبيرة لتكون العلاقات أقوى في جميع انحاء العالم، يمكنك البقاء على اتصال مع الشخص الذي تفضله أو المقرب لك أو أيًا كان تهنيه في أعياده وتبارك له في مناسباته و انجازاته، ولكن الخلل هنا في النفوس، كلما تقدمنا في التجور والحياة أجد أن الناس تزداد همًا وفي بعض المناطق تزداد احباطًا، التطور التكنولوجي قد يؤثر في ذلك بطريقة غير مباشرة مثلا سوء الوضع الاقتصادي يجعلك تعتذر عن استقبال الضيوف و العزائم او ختى زيارة الآخرين لأنك ستحتاج هدية .
الاهتمام بالأمر المادى من اكبر الأسباب التي تؤثر في ذلك ولدي دليل، في العيد على سبيل المثال يذهب الأقارب و الأخوان لزيارة اخواتهم وصلة أرحامهم ولكن خجلاً منهم ولعدم قدرتهم على تقديم العيدية المناسبة قد لا يذهب الكثير منهم، أيضًا اهتمام الاخت أو القريبة بالعيدية يشكل عبئًا عليهم وهذه هي الأفكار السائدة في أغلب المجتمع العربي بالمناسبة، تجد ان العيدية كانت سببًا في منع زيارة العيد التي من المفترض أنها معنوية بحتة وليست مادية القصد منها زيارة الأقارب وصلة الأرحام وإدخال البهجة والسرور على الآخرين .
التفاخر في إنشاء أفضل الحفلات وتقديم أفضل الأطعمة يجعل من بعض الناس محطًا للمقارنة ناهيك إن كان هناك منافسة أيهما يبرز نفسه أكثر .
هذا كله يؤثر على العلاقات مما يؤدي إلى تزييفها
قد تكون أسباب التباعد الاجتماعي أمرا محتما وغير متعمد، فعلى الأرجح أن السبب الرئيس هو كثرة الانشغالات في عالم أصبح مليئا بها، فالعمل من أجل لقمة العيش لم يعد سهلا كالسابق، وارتفاع أسباب العيش الكريم أضحت تأخذ من الفرد جل وقته ويومه، ومحاولة كل شخص بالرقي بنفسه تعليميا أيضا هو من متطلبات هذا العصر، كل هذا أدى بالإنسان إلى الانشغال بنفسه والابتعاد عن الآخرين في سباق مع الزمن، ومع الوقت يصبح القريب غريبا فكما يقال "البعيد عن العين بعيد عن القلب"، وبهذا تراجعت العلاقات الاجتماعية تلقائيا، وتغير إنسان العصر عن إنسان الماضي .
التعليقات