رقصَ معها بحفاوةٍ وجمالٍ على تلك الموسيقى الكلاسيكيةِ الراقيةِ التي تُزِهِرُ الروحَ

وعندَ الأنتهاءِ من الحفلِ ركبَ العربةَ و أشارَ لسائقِ أن يشُدَ سِراجَ الخيلِ لينطلقَ في طريقهِ .

لم تنتظر مارسيليا حتى ذهبت لتوديعهِ ، وقبلَ أنطلاقهِ شكرتهُ على تلكَ الرقصه وذلكَ الوقتَ الجميل ، أبتسمَ لها وهمَ ذاهِباً في طريقهِ .

عادت مارسيليا الى المنزلِ ولكنَ عيناها كانت تدمعُ كُلما تذكرت أن ذلكَ الدوق الذي رقصَ معها لم يعلمَ أنها خادِمه ولا تدنُو من عائلةٍ نبيلةٍ فلم تكُن ترتدي ملابسَ الخدم عندما ذهبت ، أشبعت نفسها بشعورِ الحُب الذي لا يعرفُ الطبقاتِ الأجتماعيه ولا ينظرُ للعملِ من أي جهةٍ كانت ، أستقبلتها سيدةُ المنزلِ بغضبٍ لتأخُرِها في الحفلِ الذي أرسلتها اليهِ ، لتُساعِدَ الخادِماتِ الأُخريات و قد أخبرتها مارسيليا أن الحفلَ كانَ مكتظٌ لذلكَ السببِ تأخرَت .

دخلت الى غُرفتِها تحملُ في عقلِها تلكَ اللحظاتِ وتصورُ نفسها وكأنها سيدةٌ نبيلةٌ جاءت ورقصت مع الدوق وأُعجبَ بها ، ولكنَ هذا كانَ مجردُ خيالٍ عابرٍ من أجلِ أن تواسي الحقيقةَ التي أشعلت النيرانَ في داخلِها ، كما أنها بدأت تسألُ نفسها لماذا الحُبُ هو حِكرٌ لأولئكَ النبلاءِ و أصحابِ النفوذِ والسلطة اما الخدمَ لا نصيبَ لهم الأ بمن هم من نفسِ المستوى ولا يحقُ لهم أن يُحبُ شخصاً من النبلاءِ ، لكنَ هذا لا يردعُ الحُبَ أن يغزو قلبَ أي أنسانٍ منهم فالحبُ لا يعرفُ خادِماً أو سيداً ، غفت مارسيليا على أملِ أن يتحققَ حُبها بالدوق وأخذت تحلُمُ بهِ ، وفي الصباحِ الباكرِ كانت تُجهِزُ نفسها للذهابِ الى السوقِ و أحضارِ بعضِ الفاكِهةِ والمُستلزمات .

ذهبت متألِقةً بالنسبةِ لكونِها خادمةً عندَ أحدِهم ، وبينما كانت تأخذُ التفاحَ من البائعِ سقطت حبةٌ وتدحرجت على الأرضِ ثم أستقرت في يدِ الدوق الذي رفعَ نظرهُ ليرى لِمن هذهِ التُفاحةَ ، فوجدَ أمامهُ سيدةٌ جميلةٌ ترتدي فستانً جميلاً يميلُ لونهُ للذهبي وقبعةً أنيقةً لوجودِ بعضِ الزهورِ الصغيرةِ على أطرافِها ، وقالَ لها "وهل يحقُ للجمالِ أن يتكلمَ عن نفسهِ إن رأكِ ، يا سنبُلةً قد جمّلتها الشمسُ بلونٍ ذهبيٍ راقٍ أمتعَ الناظرينَ لها" لم تعرِف ماذا تقول فأحمرَ وجهُها ليعودَ ويقولُ لها "أعمى نظري اللونُ الذهبيُ فلم ألتفت للجوريةِ وسطَ تلكَ الزهورِ الغائِرةِ من جمالِها" فأبتسمت وقالت أن هذا لطفاً منكَ أيها الدوق النبيلُ ذو الكلامِ الراقي ، و ذهبت في طريقِها تحملُ الفاكهةَ والخجلَ والفرحَ ، وعادت الى المنزلِ وكأنَ القلبَ قد أخبرها بأملِ هذا الحُبِ وهذهِ العلاقة ، لقد كانت تتمنى لو أنَ الوقتَ توقفَ وبقيت مع الدوق لكنها عرفت من خلالِ كلامهِ أنهُ مُعجبٌ بها وجلست تنتظرُ أن تُرسِلها السيدةُ الى حفلٍ أخرَ لترى الدوق من جديد .

أنتظرت أياماً ولم يقيمَ أي أحدٍ من أصدقاءِ السيدةِ حفلةً ولم يطلُبَ منها أحدٌ أرسالَ مارسيليا أليهِ ، وبعدَ أيامٍ نشرَ العُمدةُ خبرَ أقامةِ حفلٍ عام لترفيهِ عن النفس و أشترطَ أن يأتي الجميعُ دون أستثناء ، فلم يكُن يُريدُ العُمدةَ وجودَ خدمٍ للأسياد و أرادَ أن يأتي الخدمَ بأبها صورةٍ فقد كان كُل شيءٍ بالحفلِ ذو خدمةٍ ذاتيه ، تجهزَ الجميعُ لحضورِ الحفل وعندما حلَ المساءُ جاءَ الجميعُ من أسيادٍ وخدمٍ لا تفرِقُ بيهم أطلاقاً وكأنَ العُمدةَ أرادَ للجميعِ أن يكونوا سواسيةً.

بدأ الجمعُ بالأستمتاعِ في وقتهِم الأ مارسيليا كانت تُفكِرُ بالدوق ، لم تُنهي تفكيرها الأ والدوق أمامها يدخلُ الحفلَ ، أبتسمت لهُ وبادلها نفسُ الشعورِ ثم ألتفتَ ورائهُ وأمسكَ بيدِ أحدى الفتياتِ الجميلاتِ وأخذَ يتجولُ ويصافِحَ من هم مثلهُ ، هنا شعرت مارسيليا بأستياءٍ شديد ظنً منها أنهُ قال كلِماتٍ عابراتٍ لها في السوقِ ، ولم تستطيعَ الجلوسَ أكثر في الحفلِ فأخذت أشيائها وتوجهت نحوَ المخرج ، فأوقفها الدوق ونظرَ لها وقال "تبدينَ جميلةَ أكثر الليله أنني أعتذرُ منكِ فقد كانت قريبتي تودُ التعرُفَ على الحضورِ" ، أظهرت مارسيليا أبتسامةً رقيقه وقالت للدوق " لا تعتذر أيها السيدُ النبيلُ ولكنني لا أعلمُ لماذا أصابتني الغيرةُ من قريبتك التي لم أعلم أنها قريبتُكَ في البدايةٍ وظننتُ أنكَ تتسكعُ مع الفتياتِ ، أنتَ من عليهِ أن يعذِرنِي " ضحِكَ الدوق وأخبرَ مارسيليا بأنهُ يودُ السيرَ قليلاً ، وأخذَ الأثنانِ بالسيرِ والحديثِ الذي جعلَ وقتهُم يمرُ سريعاً.

توقفَ كِلاهُما تحتَ شجرةٍ كانت مُزينةً بأضواءٍ جميله وكأنها تنتظِرُهُما فقالت مارسيليا " لا بُدَ أنكَ تسألُ نفسكَ من أينَ أنا ولأي عائِلةٍ أنتمي ، دعني أقولُ لكَ أنني مجردُ خادمةٍ ولا عائلةَ لي ، فقال لها الدوق " وهل هذا الجمالُ يستحقُ أن يكونَ خادِماً عندَ أحدِهم ، لا بُد أن تكوني سيدةً في قصرٍ كبيرٍ والجميعُ ينحني لجمالكِ ، ثم أنني لم أسأل نفسي أي سؤال ولا يُهمُني إن كُنتِ خادمةً أو أميرةً ، أن ما يُشغِلُني هو قلبي الذي دقَ حينَ رأكِ ، ودعيني أقولُ لكِ بأنني مُعجبٌ بكِ ، خجِلت مارسيليا من كلامهِ ولكنها تمالكت نفسها وقالت للدوق " عندما أخذتَ بيدي ورقصنا سوياً عشتُ في مكانٍ غيرَ هذا المكان وكأنَ الأرضَ غيرُ الأرضِ والسماءُ غيرُ السماءِ لقد كانَ مكانً جميلاً جداً وكأنهُ الجنةُ ، ودعني أُسميها الجنةَ لأنكَ كُنتَ فيها ، ولكنني أخافُ عليكَ إذ عرفَ الناسُ أنكَ تُحبُ خادمه .

أمسكَ الدوق بيدِ مارسيليا وذهبَ الى الحفلِ وقالَ للجمعِ أن هذهِ الجميلةُ هي خادمةٌ وأخبرَ الجميعَ بأنهُ يُحبُها وقال ايضاً " يا من يظُن أن الحُبَ خُلِقَ ليُحبَ النبيلُ نبيلةً والخادمُ خادمةً فل يذهب ويقتُلَ نفسهُ فوراً ، أن الحُبَ يغزو كُلَ قلبٍ ولا يعرفُ المقاماتِ أبداً ، ما هو الأ شعورٌ يجذِبُكَ بقوةٍ الى نِصفك الأخر ولا يجعلُكَ تنامُ الليلَ من كثرةِ التفكيرِ ، و هو بعيدٌ كُلَ البُعدِ عن النفوذِ والمالِ والفقرِ ، لذلكَ أنا أحببتُ مارسيليا لأنني شعرتُ أنها لي وحدي وأنا لها وحدها فلا يستطيعُ أيُ أحدٍ أيقافَ هذا الحُب ، ثم أخذَ الدوق مارسيليا وتزوجها وعاشَ الأثنانِ في حُبٍ لا يمحوهُ شيءٌ أبداً .