في مصر وبالضبط في محافظة القاهرة الكبرى ، كان أبو محمد مديرا للمستشفى الكبير في وسط المحافظة ، خبر الطب وورثه عن آباءه وأجداده ، كان متفوقا طوال مشواره الدراسي ونال عديد الجوائز جزاء تفوقه ، اشتغل طبيبا جراحا تم رئيس قسم الجراحة ليظفر بعد ذلك بمنصب مدير المستشفى ، كان منطويا على نفسه قليل الكلام كأنه يخفي شيئا ما ، كانت كلماته محسوبة وأفعاله تتسم بالرزانة ويسبقها تفكير كبير ، أما مزاجه فهو متقلب ، تارة تجده يضحك لأتفه الأسباب وتارة يغضب لأتفهها ، كان في معاملته لزملائه صارما إلى حد القسوة فهو يحب أن تكون قبضته هي الأعلى دائما ،
كان يشتغل معه مجموعة من الأطباء دوو الكفاءة العالية ، فهو من كان يشرف على اختبارات التوظيف وكان حريصا على اختيار الأفضل بينهم،
في الأول من تشرين التأني وبالضبط على الساعة السادسة مساءً كان المدير أبو محمد في اجتماع مع رئيس وحدة التخدير مروان ورئيس قسم العمليات ماهر ومدير العلاقات المالية حازم ، كان الاجتماع حول موضوع توسيع المستشفى وإضافة أقسام اخرى فيه، استمر الاجتماع لمدة ساعة وبعدها غادر الجميع ما عدا المدير الذي تأخر ،
في صباح اليوم التالي استفاق الجميع على وقع العتور على مدير المستشفى ميتا في مكتبه، كان مروان هو من اكتشف الأمر لأنه اول الواصلين كعادته ولكون مكتبه يقع بجوار مكتب المدير، اتصل بالشرطة فحضرت على عجل وقاموا بتطويق الجناح الإداري بأكمله ومنعوا اي شخص من الدخول اليه الى حين اتمام التحقيق،
حضر المحقق شادي ومعه فريق من خبراء المختبر الجنائي، دخلوا الى مكان وجود الجثة وقاموا بفحصها فوجدوا انها متيبسة و وجدوا اتار حقنة على يد الضحية،
بدى المدير محنيا على المكتب ويديه فوق سطحه وكل الاشياء في مكانها ولا توجد اي فوضى في المكان ، افترض المحقق ان المدير قد قام بعملية انتحار ،
قامت فرقة البحت بتصوير الجثة وجنبات المكان وقاموا بأخد جميع الاغراض المتواجدة فوق المكتب لفحص ما إذا كانت بها بصمات، وبعد ذلك ارسلوا الجثة لتشريحها وتحديد سبب الوفاة ووقتها ،
بعد فحص الجثة تبين ان سبب الوفاة هو السم حيت تم حقن الضحية باتقان في يده وتم اكتشاف انه تناول مخدرا قبل وفاته وهو ما جعله لا يقوى على الحراك ولا يستطيع المقاومة ، الشيء الذي طرد فرضية الانتحار من مفكرة المحقق وجعله متيقنا بأن هذه جريمة قتل مدبرة تم تدبيرها بعناية شديدة،
على الفور طلب المحقق لقاء مروان مكتشف الجريمة وطلب منه مده بمعلومات عن الضحية وعن كيفية اكتشافه للجثة ،
فاخبره انه وصل الى مكتبه وغير ملابسه ودهب لغرفة مديره المجاورة له لإلقاء التحية الصباحية ولكنه وجده محنيا على المكتب ولا يتحرك ولما لامس يده وجدها صلبة فعرف انه ميت فخرج على الفور واتصل بالشرطة واخبرهم بالامر ، مضيفا ان مديره كان في علاقة عادية معه ومع غيره وليس له اي عداوة مع اي كان،
بعدها قام المحقق بجولة بالمكان اكتشف ان ادارة المستشفى مفصولة عن باقي الاقسام ولاحظ وجود كميرات مركزة على باب الادارة وهو ما جعله متفائلا ،
حصل المحقق على اشرطة التسجيل وقام بمشاهدتها فوجد ان اخر من خرج من الادارة هما الطبيبان مروان وماهر ومسؤول العلاقات المالية حازم، والأمر الغريب أنهم خرجوا قبل وقت ارتكاب الجريمة بنصف ساعة ، أي أن شريط التسجيل هو دليل براءتهم جميعا ، وهم الوحيدون الذين تواجدوا بالإدارة في ذلك المساء ، ولاحظ المحقق أنه بعد خروج الثلاثة دخل أحد حراس المستشفى إلى الإدارة وبقي مدة لا تقل عن عشرين دقيقة فتم استجوابه عن سبب وجوده هناك، فقال إنه وجد الحمام العام معطل فاضطر إلى استخدام حمام الإدارة ، الأمر الذي جعل الشكوك تحوم حوله وأصبح المشتبه به الرئيسي في هذه القضية ،
تم اعتقاله واخده إلى مكتب التحقيق واستفسره المحقق عن السبب الحقيقي لوجوده في الإدارة ، أحس الحارس أنه في ورطة فأقر أنه لم يرتكب الجريمة ، وأخبر المحقق ان من حضروا الاجتماع كانت علاقتهم سيئة بالمدير وكان في صالحهم رحيله، وهو الشيء الذي يتنافى مع اقوالهم حيث اكدوا جميعا ان علاقتهم بالمدير جيدة ولا تتخللها اية مشاكل ،
تم الاحتفاظ بالحارس في المعتقل و عاد المحقق الى مكان الجريمة واستجوب ماهر ومروان وحازم عن سبب خلافهم مع المدير، وكانت اجوبتهم تقريبا متشابهة ، فكلهم اعتبروا ان تصرفاته وغضبه غير المبرر هي سبب علاقتهم السيئة معه، ولكنهم نفوا علاقتهم بالجريمة ،
بعد ذلك ورد المحقق اتصال من المختر الجنائي يخبرونه انهم وجدوا شعيرات على يد الضحية وتم استخراج الحمض النووي منها ،
وبعدما تمت مقارنته بالحمض النووي للحارس وماهر ومروان وحازم بعد استخلاصه منهم وجدوا انها مطابقة لحازم فشكل هذا صدمة للجميع فالكل كان يعتقد ان الحارس هو القاتل لأنه اخر من شوهد بمسرح الجريمة ،
واجه المحقق حازم في غرفة التحقيق ووجه له تهمة القتل واخبره ان الدليل الذي تم ايجاده كفيل بإيداعه السجن وطلب منه الاعتراف، فرفض كل الاتهامات وظل متشبتا ببراءته ولم يعترف بجرمه ، فتم ايداعه السجن في انتظار اولى جلسات محاكمته ،
بقي المحقق حائرا أمام تسجيلات الكاميرا التي تبرئ الطبيبين ومسؤول المال المعتقل وبقي يتساءل عن ما إذا كانت خدعة ما في كاميرات التسجيل أو أي شيء لم يلاحظه من قبل،
أخد أشرطة التسجيل وسهر الليل بأكمله يشاهدها مرة تلو الأخرى إلى أن اكتشف شيئا غريبا قد يكون مفتاحا لحل لغز الجريمة ،
لاحظ أن ماهر كان يضع عند خروجه من الإدارة كمامة على وجهه وهو ما يجعل التعرف عليه أمر صعب ولا يمكن الجزم بأنه هو ، ولاحظ أن أصبعين من أصابع يده اليسرى مطوية ، في صباح اليوم التالي سأل المحقق بعض الأطر في المستشفى عن عادات ماهر فأخبروه أن من عادته إزالة الكمامة قبل خروجه، ومن عاداته الغربية أيضا طي اصبعين من يده اليمنى اتناء السير ، ولكن هذا يبدوا غريبا ففي الفيديو يظهر العكس،
بعدها عاود المحقق تفحص تسجيلات الكميرات ولكن هذه المرة لمدة اطول ، ووجه تركيزه هذه المرة على الساعات التي سبقت وقت الجريمة والساعات التي تلتها ليكتشف شيئا محيرا ،
لاحظ ان ماهر دخل الادارة قبل الاجتماع بساعتين ولم يخرج وعاود الدخول مرة اخرى ، وهو ما يطرح التسائل التالي :
كيف يمكنه الدخول مرتين متتابعتين؟ هل يوجد نسختين منه؟ هل هذا منطقي؟
تم لاحظ المحقق في التسجيل انه في صباح اليوم الموالي ليوم ارتكاب الجريمة لم يدخل ماهر الى الادارة ولكنه كان في مكتبه وقد وكان من الذين اكتشفوا الجريمة ؟ فكيف دخل ومن أين ؟
هذه الاسئلة أزعجت المحقق وجعلته يخرج ليلا ليستفسر ماهر عنها ، أرشده احد الأشخاص الى عنوانه فطرق الباب فخرج رجل ضخم البنية فسأله هل هذا منزل الطبيب ماهر فأخبره انه مخطئ وان بيته هو البيت المقابل وأنه غادر حاملا حقائبه قبل ساعة او اكثر ،
صدم المحقق من كلام الرجل وخشي ان يكون ماهر يحاول الهرب فطرق باب منزله ليتأكد ، فتفاجئ به وهو يفتح له الباب ،
فسأله عن ما اذا كان قد خرج من قبل حاملا حقائبه فنفى ذلك نفيا تاما وقال أنه لم يغادر منزله قط ، فقام بإقتياده الى مكتب التحقيق وطلب من مكتب الحالة المدنية البحث في سجله العائلي لمعرفة هل له اشقاء أو اقارب يشبهونه، فكانت النتيجة ايجابية و وجدوا ان لماهر أخا توأما يشبهه تمام الشبه،
بدأت الصورة تتضح وبدأت الالغاز تحل وتمكن المحقق من فهم الخدعة التي قام بها ماهر ليرتكب جريمته ويبعد نفسه عن التهمة بدليل براءة خادع ،
لقد شارك ماهر اخوه فوزي في الجريمة وكانا معا في مسرح الجريمة وقبل ان يقوم ماهر بجريمته خرج اخوه منتحلا صفته ومستغلا التشابه بينهما وأوهم الكل انه غادر الإدارة،
ولكنه اخطأ في تقليد عادة اخيه وقام بطي اصابع يده اليسرى بدل اليمنى الشيء الذي جعل المحقق يفطن للأمر،
ظهر دليل أخر اشار بأصابع الإتهام على ماهر، حيث لاحظ مساعد المحقق من خلال الصور التي التقطها للجثة ان الضحية كانت يطوي اصبعين من يده وكأنه كان يريد دل المحققين على أن القاتل هو ماهر لأنه الوحيد المعروف بهذه العادة،
كان دليل كميرات المراقبة واشارة أصابع الضحية قوية جدا وكانت كافية لإدانة الاخوين وتبرئة حازم ومروان و الحارس ،
تم اعتقال ماهر على الفور اما فوزي فتم اعتقاله في مطار القاهرة الدولي وكان ينوي مغادرة البلاد،
تم استجوابهما معا بغية الحصول على اعتراف وهو ما حصل عليه المحقق بسهولة بسبب قوة الأدلة المتوفرة ضدهما ،
كانت خطتهما متقنة للغاية وجريمتهما أقرب للكمال ولكن خطأ فوزي البسيط كلفه حريته وحرية أخيه،
لقد كان دافعهما الانتقام من المدير الذي رفض استقبال أمهما مند سنوات بالمستشفى بسبب عدم قدرتها على دفع تكاليف العملية لتموت بعد ذلك ويكبر التوأمان يتيما الأم،
كان الحقد يملأ قلبيهما فقرر ماهر دراسة الطب وبدل جهدا كبيرا ليحصل على شهادة عليا في الجراحة،
شارك في أكثر من مباراة توظيف ونجح في الأخير في العمل تحت إمرة المدير الذي إعتبره السبب الرئيسي في موت أمه،
في يوم الجريمة طلب ماهر من أخيه الدخول إلى الإدارة والدخول إلى المكتب الثالث الخاص به، فأخفاه في غرفته وذهب لحضور الاجتماع إلى حين نهايته فطلب من أخيه المغادرة صوب المنزل ليوهم الجميع أن ماهر خرج قبل ارتكاب الجريمة ،
قدم للمدير حلوى بها مخدر عديم الرائحة ، فسقط على مكتبه بعد عشر دقائق مشلولا لا يستطيع الحركة أو المقاومة فقام بحقنه في دراعة حقنة سامة سببت موتا بطيئا له،
تمكن الضحية في آخر دقائق حياته من تني أصابع يده لكي يشير إلى قاتله الذي لم ينتبه لذلك ،
تأكد المجرم من موت المدير وقام بعدها بأخد بعض من شعيرات حازم العالقة على تياب عمله ووضعها على الجثة ليضلل المحققين بذلك، تم خرج بعدها واختبأ في مكتبه الى ان حل الصباح وانتظر حتى تم اكتشاف الجريمة وظهر وكأن شيئا لم يكن ،
كانت حيلته ذكية جدا ولكن الحق دائم الانتصار على الباطل وقاتل الروح لا بد ان تزل يداه وتترك اترا يدينه ويقوده الى السجن ،
للمزيد من القصص البوليسية المشوقة تفضل بزيارة موقعنا www.maarouf95.com