تربيت مع اسرة محافظة في صغري، كنت دائمًا استمع للندوات في الجوامع وكيف يصرخ قائلًا نحتاج الاطباء والمهندسين والمفكرين ليحملوا هم الأمة، احسست لوهلة انه علي ضغط شديد من جمل مثل هم المسلم، ماذا يجب أن تفعل كمسلم، كلمات رنانة كثيرًا كانت تمثل ضغضَا شديدًا، كلمات رنانة مثل لا تكن عاديًا لابد أن تخترع وتنتج وتفعل ولا تفعل، ممنوع التطرق لتطلعات تافهة كالرسم والتلوين والفنون بشكل عام، هذه فنون لن تفيد الأمة بشيء ولن تستفيد منها شيئَا كمسلم، كبرت ولم ادخل جامعة ولا كلية لا علاقة لها بالطب والهندسة والاختراعات والابتكارات، ولا حتى دخلت جامعة لها علاقة بطموحي المكبوت، خاصة انني مغرمة باللوحات والألوان، وماذا تستطيع فعله وتوصيله بالرسوم الكارتونية والجرافيك، فظللت مدة اجلد نفسي على انني لست بمسلمة نافعة وليس مني نفع، لا أنا دخلت الكلية التي تفيدني كمسلمة كما ظننت، ولا انا اظهرت شخصيتي المتوارية التي لا أجد لها متنفسات وسط تلك التوجيهات، لم يعلموني انه من هناك مكان للجميع، لم يخبروني انني استطيع أن اكون شخصًا عاديًا، لا يسرق، لا يكذب، لا يفشي سرًا، هل استطيع ان اقول لك أنه ليس لابد لك من شيء تقدمه للأمة أو الاسلام او الانسانية بشكل عام هو ان تكون انسانًا صالحًا، يكفي ان تكون عاديًا وطبيعيًا حتى.

شعرت لوهلة انه كان لدي ذراعان يكفيان بقياس فلاني ويريد الباقي ان يزيدوا من استطالة ذراعي حتى لو خلعوه خلعًا من مكانه

كان علي أن احدد وجهتي في لحظة انهيار لي بين ما أريد أن افعله وما اتمنى ان اكونه وبين ما يبدو مبهرًا بالنسبة لهم عامة!

هناك لحظة ما كان علي أن اصدق نفسي فيها، وهو أنه يمكنني ان اكون مسلمة عادية جدًا جدًا جدًا، لإن عالم الفضاء انسان عادي، الطبيب انسان عادي، وكذلك الفيزيائي، لانهم لن يستطيعوا فعل ما افعله، ولن استطيع انا فعل ما يفعلونه، كانت لحظات حاسمة جدًا حين اخترت فيها الا اصدقهم واقول لنفسي هناك مكان متاح للجميع. ليس على أن اقاتل في كل الاتجاهات، وليس علي أن اكون ايناشتين، ليس علي أن اركض في كل مجال واترك انطباعًا مبهرًا ولمسة عالمية، يكفيني أن اكون أنا، ببساطة المكان متسع للجميع!