منذ عشرات السّنوات كانت قيادة المجموعات والموظّفين والأفراد بشكلٍ عام قائمةً على "الفرد" متمّثلًا بالقائد. ويمثّل القائد المثل الأعلى أو Role Model الذي يحتذي به الأنصار. وأمّا اليوم وبعد قرونٍ من التغيير، صارت القيادة متوزّعةً مع عنصرٍ آخر لا يقل شأنًا وهو الأنصار Followers. ف بنفس القدر الذي يهم فيه القائد، فإنّ الأنصار هم محور العمليّة الذين من خلالهم يجري التغيير عبر أداةٍ أساسيّة وهي "التأثير". ولكن هل تنجح القيادة التحويلية في كافّة الخلفيّات الثقافية أم أنّها تتطلّب بيئة ثقافيّةً معيّنة؟

تُعرف القيادة التحويلية بأنّها القيادة التي تهدف لخلق علاقة قويّة مع الموظّفين مع الأخذ بعين الاعتبار احتياجاتهم والفروقات الفرديّة بينهم ودعمهم حتّى وصولهم لاستثمار طاقاتهم القصوى. وأمّا الأبرز حول القيادة التحويليّة هو أنّها تعمل على تكييف قيم ومبادئ وأفكار الأنصار مع التيّارات المعاصِرة. يعني هي قيادة قائمة على " تمكين الفرد" ولكن أعود لأسأل : هل يمكن تطبيق القيادة التحويليّة في كافّة الثقافات؟

إليكم الآن تجربة والمارت Walmart ،العامِلة في مجال السلع الاستهلاكيّة المختلفة ،في القيادة التحويليّة ضمن ثقافات مختلفة. في أواخر العام 1990، قامت Walmart، وهي المعروفة بتطبيق نمط القيادة التحويلية، بافتتاح فرعٍ لها في ألمانيا وقد علّقت أمالًا عالية على هذا التوسّع إلّا أنّها واجهت عقبات جمّة في تكييف نمط قيادتها بما يتناسب مع الثقافة الألمانيّة وقد برزت هذه العقبات على مستوى العلاقة بين الموظفين من جهة وتوقعات العملاء من ناحية أخرى. وإليكم بعض هذه العقبات:

  • قيام ثقافة والمارت وهي أمريكية المنشأ على اتخاذ القرارات عبر القيادة الرأسية: أي أنّ الإدارة العليا هي المسؤولة عن اتخاذ القرارات. وأمّا الثقافة الألمانيّة فإنها قائمة على اتخاذ القرارات عبر المشاركة Collaboration & participation. يعني الثقافة الألمانيّة تثمّن العمل الجماعي وأمّا الثقافة الأمريكية فإنها تعطي الأولويّة للفرديّة Individualism.
  • تركيز الثقافة الألمانية على المساواة بين الأفراد بينما الثقافة الأميركيّة تركّز على المنافسة.

يعني بالموجز تركزت العقبة الأساسية في فكرة تركيز القيادة التحويلية على التمكين الفردي empowerment بينما الثقافة الألمانية كان تركيزها على المجموعة.

والآن السؤال الأهم، كيف يمكن تكييف القيادة التحويلية مع الثقافة السائدة؟وبرأيكم، هل هناك أساليب قياديّة أفضل من القيادة التحويليّة؟