لطالما شغلتني فكرة إنشاء مشروعي الخاص حتى أصبحت تسري بعقلي كما الماء بالنهر، لا تنضب ولا تتوقف! وقعت في حيرة اختيار المجال المناسب، وعلى الرغم من كون الوظيفة تحقق استقرارًا إلى حد ما إلا أنها لا ترضي طموحاتي وقناعاتي. فأنا أعي تمامًا أهميتها ولكني لا أرى المستقبل من خلالها!
من هنا كان لزامًا عليّ أن أرضي هذه الرغبة المتقدة وأجد المجال المناسب لي، والمشروع الذي يحقق النجاح الذي أتمناه .
لم يكن هذا سهلاً فقد استغرق سنوات من البحث والتفكير، بماهية هذا المشروع ؟
هل أقوم بفتح مكتب خدمات؟ وأقدم للسوق خدمة المحاماة التي أتقنها، ويتقنها الآلاف غيري! هل سيكون هذا هو الخيار الأنسب؟
مكتب محاماة: سيكلفني مبلغ وقدره ما بين إيجار المكان، والمستلزمات اللوجستية، دعاية وإعلان، رسوم حكومية ..
أم أتجه للتجارة التي ورثتها عن والدي؟ وخاصةً أنني درست إدارة المشاريع وأخذت الكثير من الدورات الخاصة بريادة الأعمال، وأملك الخبرة اللازمة للتعامل مع السوق !
لكني أعلم أيضًا: أن هذا الحقل مكتظ بالمنافسين وبحاجة لمنتج فريد، ورأس مال قوي.
أما الفكرة الأخيرة التي كنت على قناعة تامة من نجاحها هي: إنتاج الوصفات التجميلية التي صنعتها بنفسي وأشاد بها كل من جربها!
والمشجع على ذلك أنها تقوم على رأس مال معقول ويمكنني تنفيذها من المنزل، ربما أحتاج لمساعِدة واحدة فقط، هكذا يبقى مصاريف التسويق، ومتفرقات بسيطة ..
لم يكن سهلًا أن أتخذ القرار ! فالعقبات كثيرة وعلى الرغم من أن جميعها قابلة للنجاح إلا أن السوق سيجعلني تحت المنافسة الشديدة التي حتمًا ستؤثر على الأسعار وخاصة في البداية !
ما دفعني للبحث أكثر، وبالرجوع لقراءة رؤى الدول مثل: السعودية أو الامارات أو كندا أو أميركا أو الاتحاد الأوروبي وغيرها ؛ لاحظت أنهم يشددون على أن السوق يتجه إلى الإنتاج المعرفي الذي يقدم للجمهور المعرفة كمنتج صالح للبيع والربح. وهو ما يعرف بالاقتصاد المعرفي أو الاقتصاد القائم على المشاريع الفكرية وعلى عقل الإنسان .
أدركت أنني بحاجة لمنتج يضمن بقائي في هذا العصر إلى جانب التكنولوجيا.
حيث باستطاعة التطبيقات والبرمجيات أن تحل محلي كمحامية بنسبة أكبر من 50% ولن يبقى لي إلا بعض المهام البسيطة المتعلقة بقاعة المحكمة .
بالتالي سيكون لدي وقت فراغ كبير سينتج عنه حتمًا تقلص الدخل!
وبطبيعة الحال ستحل التكنولوجيا محل الوسيط فلا داعي للمحال التجارية، ولا داعي للمتاجر الالكترونية؛ ورويدًا رويدًا سيطلب العميل حاجته من المصنع مباشرة عاجلاً أم آجلاً لا مفر من ذلك .
أدركت أن المنتجات المعرفية تقدم مزايا غير متاحة في المنتجات السلعية والخدمات ومنها :
الميزة الأولى: أنها تُصنع لمرة واحدة، وتبيع نفسها بشكل أوتوماتيكي عبر الانترنت، وبالتالي فهي تنقذني من محدودية الوقت، بعكس الخدمات والسلع التي تحتاج وجودي الدائم وعملي المستمر من أجل تحقيق الإنجاز المطلوب فأرباحها متعلقة بساعات العمل إلى حد كبير .
الميزة الثانية: هناك دائما منافسة على المنتج والخدمة، والمنتجات المعرفية هي السبيل لخروجنا من هذه المنافسة. حتى وإن كنا نقدم خدمات وسلع وهذا ما أصبحت تفعله شركة أمازون من خلال تقديم منتجات معرفية إلى جانب السلع لرفع قيمة المنتج .
الميزة الثالثة: إذا كنت أبيع منتج أو خدمة فهذا سيكلفني رأس مال كبير ، وأعباء لوجستية الأمر الذي لا يوجد بالمنتجات المعرفية إلا بحدود معقولة و بسيطة .
بعد كل ما سلف أنا اتجهت نحو المنتجات المعرفية !
ولكن هل تعتقدون أن خياري كان صائبًا ؟ و ما رأيكم بفكرة تقليص دور الإنسان والاعتماد على التكنولوجيا ؟ هل تعتقدون أننا في العالم العربي بدأنا هذه المرحلة، أم ليس بعد ؟
التعليقات