مَن منا لا يرتكب الأخطاء أثناء مسيرة حياته؟ لا شك أننا جميعًا معرضون للخطأ؛ فالخطأ هو أمر جِبِلِّي، وهو جزء من الطبيعة البشرية، وقد ورد في الحديث النبوي الشريف “كل ابن آدم خطَّاء، وخير الخطائين التوابون” وهذا يدل على أن البشر بطبيعتهم قد يرتكبون الأخطاء، ولكن خيرهم من يتراجع عن خطئه ويعقد العزم على عدم الوقوع فيه مرةً أخرى، وما من شك أننا نكره أن نفشل في تحقيق ما نصبو إليه، ونقوم بكل ما يمكن أن يسهم في بلوغ أهدافنا والوصول إلى مصاف الناجحين، إلا أن الخوف من الوقوع في الأخطاء والفشل يجب ألا يقعدانا عن مواصلة العمل وتكرار المحاولة المرة تلو الأخرى، حتى نصيب الهدف وننجح في الوصول إلى مراتب الناجحين بتفوق.

وفيما يتعلق برواد الأعمال المبتدئين، نلاحظ -في كثير من الأحيان- أنهم يتصفون بالحماس والاندفاع الزائدين؛ رغبةً منهم في الوصول إلى أهدافهم في وقتٍ قصير، وتكلفةٍ منخفضة، وفي أثناء ذلك، قد يقعون في عددٍ من الأخطاء التي لا يمكنهم تجنبها مهما بلغت درجة حرصهم وانتباههم؛ وكما أسلفنا، فهذا أمر طبيعي ولا يعد عيبًا في حد ذاته، ولكن العيب يكمن في تكرار الخطأ والتمادي فيه رغم ثبوته، كما أن عدم الإفادة من العِبَر والدروس يعد عيبًا آخر يجب تجنب الوقوع فيه.

ومن هنا يمكننا القول إن على رواد الأعمال المبتدئين الالتفات إلى القيام بعملهم بطريقةٍ صائبة، ومحاولة تجنب الوقوع في بعض الأخطاء التي يمكن أن تحول بينهم وبين تحقيق ما يصبون إليه من نجاحٍ وتفوق؛ في هذه المقالة سوف نتعرف على أكثر الأخطاء شيوعًا بين رواد الأعمال المبتدئين؛ بهدف محاولة تجنبها كليًا، أو -على أقل تقدير- الاستعداد لمواجهتها والتغلب عليها فيما لو وقعت.

الأخطاء الخمسة الأكثر شيوعًا بين رواد الأعمال المبتدئين

١- الإصرار على العمل بمفردهم

لعل هذا الخطأ هو الأكثر شيوعًا والأخطر على مستقبل رواد الأعمال المبتدئين؛ إذ يعتقد كثيرٌ منهم بأنه قادر على القيام بكافة الأعمال التي يتطلبها المشروع، وتحمل الأعباء الناتجة عن ذلك بمفرده، وقد يعلل البعض هذا السلوك بالرغبة في توفير النفقات، أو عدم الثقة بغيره من الأفراد، ومع أن هذه الأعذار قد تبدو منطقية، إلا أن الإصرار على القيام بكافة الأعمال بدون طلب المساعدة من الغير قد يؤدي إلى التعب والإرهاق وفقدان التركيز مما قد يهدد مستقبل المشروع ويؤدي به إلى الفشل في نهاية المطاف.

وبناءً عليه، لا مناص من إيجاد الأفراد الملائمين وتفويض بعض المهام إليهم، بعد التأكد من قدرتهم وكفاءتهم للقيام بالعمل المطلوب، وينصح رواد الأعمال بتدريب وتأهيل الأفراد المساعدين، وإطلاعهم على أفضل طرق وأساليب تأدية واجباتهم، وذلك قبل أن يُسنِدوا إليهم أي مهمة.

٣- عدم القدرة على العمل ضمن فريق

بعض رواد الأعمال المبتدئين يبرعون في القيام بكافة الأعمال التي يمارسونها، إلا أنهم لا يجيدون التواصل مع غيرهم من أعضاء فريق عملهم؛ فنجد أنهم لا يلقون بالاً لحاجاتهم ولا إلى المصاعب والمشكلات التي تواجههم، سواء أكان ذلك على صعيد العمل أو على الصعيد الشخصي، وعلى الرغم من أن التركيز والانتباه في العمل وتكريس الوقت اللازم للتفكير بكيفية تطوير العمل وبيع المنتجات وزيادة أعداد العملاء هي أمور محمودة، إلا أن ذلك يجب ألا يكون على حساب أعضاء فريق العمل.

ومما يميز رواد الأعمال الناجحين أنهم يخصصون الوقت الكافي لحل مشكلات أعضاء فريق العمل، ومساعدتهم في تجاوزها، كما أنهم يعملون يدًا بيد مع غيرهم على حل مشكلات العملاء، لكي لا تؤثر على مسيرة المشروع ونجاحه، وكل ذلك يشير بوضوح إلى أهمية الالتزام بفكرة فريق العمل من أجل تعزيز فرص النجاح والتطور.

٣- التسرع واستباق الأحداث

ربما يدفع الحماس والرغبة في النجاح بعض رواد الأعمال المبتدئين إلى الوقوع في فخ التسرع في تحقيق المكاسب في غير أوانها، ولا شك أن التفكير في تخطي المراحل واستباق الأحداث قد يؤدي إلى نتائج وخيمة تلحق بمصلحة المشروع أضرارًا بالغة، إن على رواد الأعمال المبتدئين إدراك حقيقة مهمة وهي أن أي مشروع لا بد من أن يمر في عدة مراحل متتالية، تطلق عليها تسمية “دورة حياة المشروع”، وهي تتضمن مرحلة الولادة فالنمو ثم النضج، وقد تصل بعض المشروعات إلى مرحلة الانحدار.

وغني عن القول إن لكل مرحلة ما يترافق معها من فرص وتحديات، ولا بد من الانتظار وقتًا كافيًا لتخطي المراحل وعدم القفز عن بعضها رغبة في النجاح؛ فهذا خطأ جسيم يمكن أن يؤدي إلى نتائج لا تُحمد عقباها، وبناءً على ذلك يجب التركيز على كل مرحلة وتقديم ما يناسبها من منتجات وتطويرها حسب تغير حاجات ورغبات الأسواق المستهدفة، كما يجب إعادة التفكير في أساليب العمل والإدارة والتسويق واختيار فريق العمل، واتخاذ الإجراءات الملائمة لكل مرحلة.

٤- الطمع والمغامرة

وهُما من الأخطاء الخطيرة التي قد تكلف رائد الأعمال المبتدئ الكثير؛ إذ يُقحِم نفسه في مشروعات أو أعمال جانبية لا يتوفر لديه أي خبرة عنها، طمعًا في الحصول على دخلٍ إضافي، الأمر الذي قد يسبب ضياع الجهود وتشتيت التركيز فيما لا طائل منه، إن الحكمة تقتضي التركيز على تقديم منتج جيد إلى فئةٍ محدودة من العملاء والحرص على رضاهم بدلاً من خوض مغامرات غير محسوبة العواقب، قد تودي بالمشروع وتكلّفه حياته، ويجب ألا يُفهم من هذا أننا لا نشجع على التوسع والتطوير، بل المقصود هو تجنب الركض خلف المال على حساب الأعمال التي يتقن المشروع القيام بها، مهما بدا ذلك جذابًا ومغريًا.

٥- الاعتماد على المؤهلات والمهارات وإهمال السلوك

بعض رواد الأعمال المبتدئين يعتمدون كليًا على معياري مؤهلات ومهارات الأفراد عند ملء الشواغر الوظيفية، ولكنهم يهملون أو يغضّون الطرف عن النواحي السلوكية لهؤلاء الأفراد، وعلى الرغم من أهمية الاعتماد على معياري المؤهلات العلمية والمهارات، إلا أن الأنماط السلوكية للعاملين ضمن المشروع لا تقل أهميةً عنها؛ فقدرة الفرد على التعاون مع زملائه في فريق العمل لا تقل أهميةً عما يحمله من شهادات علمية وعملية، ومن جهةٍ أخرى، يجب ألا ننسى أن العامل في مشروع معيّن يمثله أمام العملاء؛ الأمر الذي يحتم عليه التقيد بقيم وأعراف وتوجهات المشروع فيما يتعلق بالتعامل مع العملاء بصورةٍ خاصة.

وختامًا، نقول إن على رواد الأعمال المبتدئين أن يدركوا هذه الأخطاء، وما يمكن أن تؤدي إليه من آثار سلبية على مشروعاتهم، واتخاذ التدابير الوقائية لتلافي الوقوع فيها إن أمكن ذلك، أو الاحتياط لها قبل وقوعها والاستعداد للتغلب عليها في حال حدوثها.

المصدر

منصة زد للمقالات