إن ما يشهده العالم اليوم من تحولات في عالم المعرفة والتقنية، وفي ظل توسع شبكة الانترنت والانتشار الواسع للأجهزة الذكية كالهواتف والأجهزة اللوحية وأجهزة الحاسوب، أصبح العالم قرية صغيرة، وبالتالي فالمعلم أصبح يعيش الواقع الرقمي الذي يفرض عليه استثماره لصالح التعليم والتعلم. فهناك الكثير من الدراسات والنتائج المثيرة للاهتمام عن دور التقنية في تعلم الطلاب خصوصاً مع رخص وسهولة الحصول على الأدوات التكنولوجية، ولهذا فأن للتكنولوجيا دور كبير في فهم الطلبة وإذا تم تطبيقها بفعالية، فإنها لا تؤثر فقط في فهمهم وإنما في تقبلهم لتعلم المادة الدراسية و تشجيعهم على التعلم التعاوني وحل المشكلات وأنماط التفكير المختلفة.

قرأت في أحد الكتب عبارة ( إن كنت تجرؤ على التدريس.. فعليك أن تكون جريئاً لتتعلم)، هنا يجب على المعلمين أن يتعلموا في ظل هذا الانتشار الواسع للتكنولوجيا، كما يجب أن يعطي المعلم نفسه الدافع والرغبة في التجربة، والتغلب على المعوقات التي تجعل من توظيف التقنية أمراً معقداً ، نظراً لاعتماد الكثير من البرامج على الاتصال بالانترنت أثناء الإعداد للدرس و أثناء تنفيذه في الغرفة الصفية ، وضعف نطاق الشبكات في المدرسة و اقتصارها على المواقع القريبة من أجهزة الإمداد بالشبكات ، و الحل لهذه المشكلة بسيط جداً فيمكن للمعلم التغلب على هذه الصعوبة باستخدام شبكة الهاتف النقال لإبقاء جهاز الحاسوب متصلاً بالانترنت وهي من أبسط وأنجح الحلول ، ويجب التعامل معها ببساطة وبدون تعقيد ليعطي المعلم نفسه الدافع للتجربة ، بينما يستخدم الكثير منا الأجهزة اللوحية وربطها بالشاشات الذكية وهي طريقة سهلة جداً ومتاحة للجميع .

تيقن عزيزي المعلم بأن العلم والمعرفة لا حدود لهما، ولا يمكن لأي صعوبات أن توقفهما في هذا العصر المتسارع تقنياً ، كما أن البعض يجد صعوبة في التعامل مع البرامج التعليمية بحجة أنها تتطلب الوقت الكثير لتعلمها، وهنا يمكن القول بأن المعلم هو قائد نفسه في هذا الموقف فإمكانه مع نصف ساعة يقضيها على الانترنت زيادة المخزون الثقافي والمعرفي عامة و الرقمي خاصة ، وبالإمكان الاعتماد على الدروس الكثيرة المتاحة على شبكة الانترنت و تجربة ما تطرحه المنصات التعليميه من مساقات مفيدة في التنمية المهنية ومجالات التعليم المختلفة .

وقد يذهل المعلم بما يراه من برامج تعليمية مختلفة في أهدافها و فوائدها أثناء رحلته المعرفية التي يسعى من خلالها إلى استخدام أحدث التقنيات لخدمة العملية التعليمية، والمعلم الذكي رقمياً يهتم بالكيف وليس الكم لذلك يخطط دائماً إلى ما يحتاجه من مواقع وبرامج تعليمية ترتبط إرتباطاً وثيقاً بالمادة التعليمية ليحقق تفعيل التقنية في التعليم أهدافه المرجوه .

وليكون الاستخدام أكثر فاعلية يجب أن يحدد المعلم أهدافه في ذلك، ومن الأمثلة على ذلك:

-برامج التخطيط للدرس وأبسطها البرامج المكتبية الشائعة.

-برامج عرض محتوى المادة بشكل مشوق منها برامج انتاج الفيديو التعليمي والملصقات ومواقع انتاج المحتوى التعليمي التفاعلي التي تتيح للمعلم عرض مادته بشكل مشوق بالتشارك مع الطلاب وبطرق مختلفة وجاذبة مثل موقع learning apps

-برامج تقويم تعلم الطلبة وممن أمثلتها plickers , zipgrade , kahoot وغيرها

  • برامج الألعاب التعليمية، التي تجعل الطالب شريكاً أساسياً في عملية التعلم من خلال التفاعل الإيجابي مع المادة وبناء المعرفة بشكل أكثر إبداعاً وابتكاراً.

  • المنصات التعليمية الكثيرة التي توفر المساقات التعليمية المدرسية التي تنقل الطالب من التعلم التقليدي إلى نمط التعلم المدمج الأكثر فعالية.

برامج التنظيم المكتبية: التي تتيح للمعلم تنظيم أعماله وابداعاته وتوثيقها وحفظها للرجوع إليها في أي وقت ومن أي مكان مثل evernot.com المكتبي، بالإضافة إلى أهمية التدوين الرقمي لنشر المعرفة واستفادة الآخرين من خبرات المعلم.

وأختم مقالي هذا بهذه النصائح التي قرأتها من كتاب (توظيف التقنية في التدريس الصفي الناجح) لـهوارد بيتلر، نحن المعلمين تعلمنا من تجاربنا السابقة أن توظيف التقنية لذاتها لا يعد استغلالاً جيداً لزمن الحصة الدراسية، و من الأرجح أنها لن تحسن تحصيل الطلاب بل من المهم أولاً تصميم خطة درس جيد، ومن ثم اختيار التقنية الأنسب التي تدعم هذا الدرس ، فالتدريس الجيد يبدأ بتحديد الأهداف التعليمية المناسبة، ثم تحديد الاستراتيجيات التي ينبغي توظيفها لإعطاء معلومات الدرس وتعليم المهارات، وأخيراً تحديد الشكل الأنسب الذي يبين الطلب من خلاله ما تعلموه .

التقنية التعليمية أداة قوية في التعلم لكن توظيفها يجب أن لا يكون هدفاً في حد ذاته؛ بل ينبغي أن تكون أداة مساعدة لإنجاح خطة الدرس.

كتب :

أ. هاجر الفورية

معلمة تاريخ .