"العلم هو البحث النزيه عن الحقيقة الموضوعية حول العالم المادي".. هكذا نظر العالم الإنجليزي ريتشارد دوكنز للعلم الموضوعي، بإعتباره بحث مُنزّه عن أي غرض.. ولطالما رددنا مبدأ فصل الذات عن الموضوع وأهمية تطبيقه، وكيف أن البحث العلمي يعد أكثر المجالات إلتزاما بذلك المبدأ.. وكيف أن العلماء أثناء بحثهم للكشف عن الحقائق العلمية، يقومون بتنحية كل من التحيزات الشخصية والالتزامات المسبقة والتأثيرات الأيديولوجية وغيرها من العوامل الخارجية التي يمكن أن تؤثر على نزاهة وحيادية أبحاثهم ومخرجاتها..

هكذا كان يُنظر إلى العلم والعلماء، أو على الأقل هذا ما تخيله البعض حول طبيعة البحث العلمي.. وصراحة قد يكون ذلك أقرب للخيال والمثالية منه للواقع المُعاش؛ فكيف لإنسان أن ينفصل عن ميوله وخلفياته وقناعاته وتطلعاته ومصالحه عند تفكيره وبحثه حول موضوع ما، علمي كان أو غيره؟!

ولطالما نُظر إلى الفصل التام بين الذاتية والموضوعية على أنه ضربا من المستحيل، حتى وإن إدّعى البعض إدراكه! وما أكثر الأمثلة عبر التاريخ، على تأثر البحث العلمي بالعوامل الخارجية المتنوعة ما بين السياسية والدينية والاجتماعية والاقتصادية وغيرها..

ولنا في تاريخ البحث العلمي الأمريكي والروسي والألماني بحقبة الحروب العالمية خير مثال على ذلك.. وهو ما نلاحظه جليا عند مشاهدة الفيلم الأمريكي الصادر مؤخرا (Oppenheimer)..

هذا فيما يخص العلوم الطبيعية والتطبيقية، وأترك لكم المجال لتتخيلوا الوضع بالعلوم الإنسانية ​والنظرية المبنية بالأساس على التأثير والتأثر!

فبرأيكم هل يمكن إدراك الموضوعية العلمية حقا، أم أنها مجرد شعار متعالي؟ .. وإلى أي مدى يمكننا التحرر من المؤثرات الأيديولوجية بشكل عام؟!