مؤخرا أثار إنتباهي توجه العديد من جامعات التعليم العالي في الدول العربية إلى الاستثمار في طاقة الشباب، ببعث مؤسسات ناشئة أو ما يعرف ب Startup و تعزيز دور المؤسسات الصغيرة والمتوسطة.

هذا التوجه الذي انتهجته هاته الجامعات بحث الطلبة خاصة المقبلين على مناقشة مذكرات تخرجهم لخوض غمار هذه التجربة يستدعي منا الوقوف حول مدى نجاعة هذه الخطوة خصوصا أن هذا المجال كان ولا يزال محتكرا من قبل أصحاب المشاريع والمقاولين.

وهذا ما يستدعي التعريف أولا بالمؤسسة الناشئة؟ وإبراز دور الجامعة في مرافقة الطلبة..

المؤسسة الناشئة هو مصطلح يطلق على الشركات حديثة النشأة أي تلك التي تملك تاريخا تشغيليا قصيرا، وهي تلك المؤسسات الراغبة بتحقيق ربح سريع وكبير بحجم مخاطر قليل، إن الخوض في غمار فتح شركة ناشئة يستدعي البحث عن المشكلة وخلق حلول لها عبر وسائل وتقنيات مبتكرة، لكن السؤال الذي يطرح نفسه هنا! 

هل الطلبة على استعداد تام لتخصيص جزء من وقتهم وحياتهم للبحث والتطوير على حساب دراستهم الأكاديمية في الجامعة؟ كيف لطالب جامعي بدوام محدد صباحا ومساء وبتراكم الواجبات والدروس، كيف له أن يوفق بين الأمرين، خصوصا أن الشركة الناشئة تتطلب فريق عمل من شخصين فما أكثر.

الجامعة وحاضنات الأعمال.. المختصر المفيد!

الجواب عن الاستفسار الأول في نظري هو ما أقدمت عليه هاته الجامعات بإنشاء حاضنات أعمال في كل جامعة وإيلائها المسؤولية الكاملة في تنظيم عملية التعريف بالمؤسسة الناشئة، تحفيز الطلبة على فتح وإطلاق مشاريعهم الإبتكارية، تقديم ندوات إلكترونية وأخرى حضورية لفائدة الطلبة.

فحاضنة الأعمال هي تلك المؤسسة التي ستتكفل بمرافقة المشروع الإبتكاري للطالب رفقة المؤطر الخاص به مثل ما هو معتاد عند مناقشة مذكرات التخرج، وتضمن من خلال ذلك التمويل عبر صندوق أعد خصيصا لتمويل الشركات الناشئة.

لكن طموح الجامعات في تجسيد هذا الأمر لا ينفي كون واقع المؤسسات والشركات الحديثة هو واقع صادم، إذ أنها مثل أي شركة في العالم معرضة للربح والخسارة، حتى من أول يوم، فالشركات التي لم تبنى على أساس صحيح، أو تلك التي لا تحمل في جعبتها الكثير للسوق المحلية فالخسارة هي مسألة وقت فقط! 

ما الحل في ظل هذا الواقع؟ خصوصا أننا نعرف أن الطلبة الجامعيين لا يملكون أدنى خبرة في التعامل مع الشركات وإدارة الأعمال، أظن أن الجامعة ومن خلال حاضنات الأعمال المكلفة بهذا الأمر، مدعوة وبقوة لإعداد خطة إعلامية وتعريفية للطلبة أكثر من أي وقت مضى، ليس حثا وتحفيزا للطالب فقط، فهم مطالبون أيضا بإبراز الجانب الثاني لعالم الأعمال وهو الربح والخسارة، فمن غير المعقول أن تقوم بالتحفيز المستمر، ثم يصطدم الطالب أمام الواقع، ألن يكون فشله محسوما؟! 

لقد قمت بمناقشة هذا الموضوع بناء على تجربة الشركات الناشئة في الجزائر، إذ قامت وزارة التعليم العالي والبحث العلمي في الجزائر بإصدار قرار يتيح للطالب الجامعي المقبل على التخرج فرصة إنشائه لشركته الناشئة والحصول على شهادة براءة إختراع - مؤسسة ناشئة مرفقة مع شهادة تخرجه من الجامعة. كيف حال الشركات الناشئة في بلدك؟ وهل تعير وزارة التعليم العالي عندكم اهتماما لهذا الجانب؟