أتابع على التليجرام منذ فترة قناةً اسمها Anki للتكرار المتباعد (1) وهي قناة تعرِّف ببرنامج التكرار المتباعد، وتنشر لطلبة العلوم الدينية حُزم ورزم من البطاقات المفيدة، ورغم أنِّي لا أدرس في الفقه والشريعة، إلّا أنِّي أحمّل بعض حزم البطاقات منهم أحيانًا، يُعجبني تصميمها الجميل الذي لم أجده في أي موقع أجنبي.

أنا أستخدم أنكي في دراستي الطبيّة منذ سنوات، وقد نشرتُ في هذا مقالًا طويلًا (2) لكنِّي أدرس الطب بالانجليزية، وهذا أسهل في عملية صنع البطاقات، لأنَّ التجارب والشروحات كلّها أجنبية، لكنِّي تفاجأتُ أنَّ عندنا قناة عربية، تنشرُ عن محتوى عربي لطلّاب العلم، بشكل لا يقلّ مهارة عن الأجانب، وقد يفوقها من ناحية التصميم وجماليته.

بداية، ما هو أنكي؟ هو ببساطة برنامج للتكرار المتباعد، مثل فكرة البطاقات الورقية التي تُنشئها، وتضع في وجهها سؤالًا، وفي ظهرها جوابًا، الفرق أنَّ البطاقات تُنشئ بشكل الكتروني لا ورقي في البرنامج.

الفكرة بسيطة، ترى السؤال في البرنامج، تُفكِّر بالاجابة، إذا أجبت بصورة صحيحة تضغط على زر الاجابة الصحيحة، وهذا سيجعل البطاقة تظهر بعد فترة أطول نسبيًا مما لو اجبتَ بصورة خاطئة، فالناتج أنّ البرنامج سيُكرّر عليك البطاقات الخاطئة بشكل أكثر من البطاقات الصحيحة، ستُركِّز أكثر على المعلومات الصعبة التي لا تُتقنها، وهذه الطريقة افضل من طريقة قراءة المادة وتأشيرها بشكل سلبي لا يُجبرك على الاختبار والتفكير.

نعود إلى قصّة قناة طلبة العلم، بدأت في 2020 وكان المسؤول عنها يُفكِّر بدمج اسلوب الدراسة بأنكي مع دراسته في البناء المنهجي، وقد فكّر بتقريب فكرة البرنامج إلى غيره من طلبة العلم، سِيما أنَّ الحفظ جزء أساسي في هذه العلوم.

واليوم أكثر من 10 آلاف مشترك و200 ملف في القناة، من المتون والكتب والقصائد العالية، أخبرني مسؤول القناة أنّ الأمر تسهَّل بعد اطلاق القناة، ولم يُنشئ الكثير من هذه الملفات بنفسه، فمعظمها تمَّ بمساعدة الشيوخ والطلّاب والمتطوّعين .

أنكي برنامج يحثُّ على التكرار، ومن يستعمل هذا البرنامج سرعان ما يقع في فخ الانبهار به، والتوكّل عليه في كل شيء، حتّى يستعيض به عن الفهم، أخبرته عن هذه المشكلة فأجابني:

إنّ أغلب أسباب ذلك هو جهل بأهميّة الفهم، أو انبهار بفكرة أنكي الذكية، فعندما يرى الشخص تطبيق ذكي وتدعمه الأبحاث العلمية قد يظنّه البديل عن عملية الفهم الأساسية، أنكي برنامج مُساعد في معاهدة حفظ المعلومة، هو يوفِّر طريقة أسهل للتكرار والحفظ، لكن لن يستفيد منه إلّا من أتقن الفهم.

أخبرني المسؤول عن القناة أيضًا بالتسهيلات التي حصلت له بعد انشاء القناة، وانضمام عدد كبير من طلبة العلم لركب مُنشئي البطاقات، وما يقارب الـ 16 مطوِّر يساعدونه في ايصال أحسن تجربة للمستخدمين في البرنامج، فمن يفتح بابَ الخير يستمرُّ لو أخلص مراده، وعلى المرء أن يُركِّز في النيِّة لا النتيجة.

عبد القادر أحد المُبرمجين يتعاون معه، وله حساب في خمسات يُقدِّم خدمات تطوير اضافات ودعم فنّي لبرنامج أنكي. (3)

أنكي يُعد من الطرق المُثلى للدراسة، وينسجم مع ما تدرس بقليل من الجهد، لكنَّ مسؤول القناة أخبرني بنكتة نستفادُ منها درسًا، أنّه لكثر بحثه عن طريقة الدراسة المُناسبة، شُغل عن دراسته أصلًا، أنكي قد يكون أفضل برامج ترسيخ الحفظ، لكن كثرة البحث عن البرنامج المثالي قد يكون "تهرّبًا" من الدراسة.