تمهيد

من الشائع أن المريض العقلي شخص منفلت التوازن، لا يمكنه الحديث برزانة..

حسنا هذه أنا حقا في نوباتي المجنونة... لكن أبدو كشخص عاقل نسبيا عندما آخذ العلاج..

هل سمعتم يوما عن اضطراب ثنائي القطب؟

يقال أنه يحب عقول الأذكياء لذلك يتوجه إليها ليأكلها..

لا أدري إن كان هذا صحيحا، أم مجرد عزاء لي، لأشعر بالذكاء ويخفف عني شعور الوصمة، وكأنني فعلت شيئا خاطئا لأنني مريضة عقلية..

التعريف الطبي للمرض

اضطراب ثنائي القطب هو مرض عقلي، يسبب اختلالات في كيمياء المخ تؤدي إلى تقلبات مزاجية حادة..

تتوقف أعراضه على النوع الذي يصاب به المريض، وأنواعه الشائعة:

النوع الأول: فيه دورتين من المزاج حادة التقلب بشكل متطرف (لا تشبه دورات المزاج العادية عند الشخص الطبيعي، يتصرف المريض بشكل غير واعي تماما ويتم ملاحظة ذلك من العائلة والمقربين)...

في الدورة الأولى يكون المريض مصابا بالهوس (تشتت أفكار، فرحة عارمة، حركات غير إرادية في أطراف الجسم، وارتفاع النشاط الكهربائي في المخ)، وجنون العظمة (الإيمان أنه شخص خارق) والذهان (شم ورؤية وسماع وأحيانا لمس أشياء أو أشخاص غير موجودة)، مما يتطلب تدخل الطبيب المختص في الأمراض النفسية والعقلية، مع تدخل علاجي طويل الأمد، عادة ينحصر في مضادات ذهان ومثبتات المزاج، ومنومات...

وفي الدورة الثانية يصاب المريض باكتئاب، مما يتطلب أخذه مضادات اكتئاب تحت إشراف طبي رفقة علاجه اليومي... ومن الملاحظ غياب الشعور بالتوازن أو الاستقرار لدى المريض...

النوع الثاني: يصاب المريض بدورة مزاج أولى حادة ومتطرفة في الإكتئاب، قد يصل فيها إلى التنازل عن حياته، ودورة ثانية تكون عبارة عن هوس خفيف مقارنة بالهوس الذي يصاب به النوع الأول، ويتطلب المصاب بهذا المرض تدخل علاجي طويل الأمد مع طبيب مختص في الأمراض النفسية والعقلية.

حقيقتي..

أنا مصابة بالنوع الاول، والمرض وراثي في عائلتي.. قررت منذ مدة الالتزام بالكتابة حول هذا المرض للتوعية واخراج ألمي إلى كلمات قابلة للمشاركة...

تلقيت الكثير من الصفعات بعد إصابتي بالمرض، من بينها صفعة أن لا شيء في مشاعري أو أفكاري مطلق كمريضة عقلية، كل شيء يحمل احتمال شك نسبي.. قد يأخذني إلى حقيقة أخرى... تتغير فيها معالم كل شيء...

حدث ذلك لما اكتشفت كم كان من المروع الإيمان أنني شخص خارق بطريقة مطلقة لسنوات، والإيمان أنني لست مريضة ولست بحاجة للعلاج بطريقة مطلقة أيضا، لذلك كنت أوقف العلاج كل مرة وأنتكس، وأوقع عائلتي في مصائب متكررة... وخوف وجزع شديد...

الشكوك النسبية هي صديقة جيدة، فهي تملك احتمالا دائما من الممكن أن يقودني لحقيقة ما، حقيقة كانت مخفية بغطاء الجنون والزيف والكذب وسوء الفهم..

ربما هذا لا يمنحني الكثير من الثقة فيما يخص نفسي، لكنه يمنح السلام لقلبي...