بما أننا نقترب من 2020 في الماضي كان هناك نوع من أخلاق الفروسية تحتم على العدو أن يعامل عدوه ضمن بعض القواعد الأخلاقية فشخصيا تم التنبيه علي مرة بمغادرة البلاد في ظرف يوم قبل الإعتقال وذلك قبل سنة 2009 و عدة مرات سابقا . بالأمس كنت واقفا أمام محل بيتزا أنتظر حين مر بعض أصدقائي السابقين و قد تعمد أحدهم الكلام بصوت عال معبرا عن شماتته حول موضوع إعدام الدكتور مرسي و ما حدث قبل أيام و اليوم كان هناك طالب ليبي جاء من أجل إتمام الماجستير في الإقتصاد وكان الدكتور الذي سيؤطره يبادله الحديث ثم سأله أنت تناصر من في الحرب قال له أنا آخذ المنحة من حكومة السراج و أهلي يحاربون مع حفتر و تنمنى أن ينتصر , إبتسمت و لم أتكلم.أنا أعيش في تونس و لا أفكر في مغادرتها على الأقل هنا نستفيد من مناخ الحرية المتاح كما ان الناس هنا ليسوا مسلحين بحيث يصل الخلاف درجة الإقتتال بالإضافة لعدة عوامل أخرى لكن ّأردت أن أكتب حول مسألة تجنب العداواة المجانية فعلى الساعة العاشرة ليلا تعرض أحد الأولاد الذين يسكنون عندي للتنمر و محاولة الإعتداء من قبل شابين يعملان معه كما أنني شخصيا تعرضت لكثير من المشاكل سابقا في العمل و مع الجيران بسبب العداوات المجانية .
اولا السياسة و ما ادراك ما السياسة
في بداية شبابك ستنتقل بين عدة آراء حتى تستقر على منهج أو إيديولوجيا أو طريق ثابت لكن حاول أن تخفي توجهاتك السياسية في مكان عملك أو حتى على أهلك فتشي غيفارا لم يكن أحد من أصدقائه يعرف توجهه السياسي في بداية حياته , حتى و إن كنت تخدم قضية معينة إحرص على ان تبدو محايدا قدر الإمكان كما عليك أن تتحنب النقاشات الزائدة و خاصة أن يعرف الجهلة توجهاتك حتى لا يستهدفونك لشخصك فعداوتهم أشد و أقسى من عداوة مخالفيك الرأي.و هنا أورد قولة محمود درويش
وأَنا التوازُنُ بين ما يَجِبُ:
يجب الذهابُ إلى اليسارْ
يجبُ التوغُّلُ في اليمينْ
يجبُ التمترُس في الوسطْ
يجبُ الدفاعُ عن الغلطْ
يجبُ التشكُّك بالمسارْ
يجبُ الخروجُ من اليقينْ
يجبُ الذي يجبُ
الناس عادة يميلون لحب الظالمين و المتغلبين بالقوة فلا تستغرب مناصرتهم لهم و حاول أن لا تمتعض من ذلك و لا تتعب نفسك في إقناعهم .
الدين
لكي تعلم أن العرب المسلمين يشكلون نسبة قليلة من المسلمين كما أنهم أكثر كما أقول أنا "داخلين في حائط" و أكثر المسلمين الذين يحملون جميع التناقضات فالدين إما أن تاخذه كله او تتركه كله لكن العربي المسلم تجده مستقيما و ينصر ظالما او يصلي و يفعل المنكر جهارا نهارا , لذلك يجب أخذ كل العرب في مركبة كبيرة أو رحلات تبادل ثقافي مع بقية شعوب العالم الإسلامي أو مسلمي أوروبا أو أمريكا .
المهم لا تركز مع اخاك العربي المسلم فشيطانه قوي جدا و سيتفرغ لمطاردتك إذا تفطن لأنك مخالف له و سيحرص على أن يسلخ جلدك مثلما يفعل رجال البوليس مع الشيوعيين حيث يزيدون في جرعة التعذيب لهم لأنهم كفار كما يرون و يجب تسليط أشد العقوبات عليهم.
المهم حاول أن تتجنب العداوات المجانية بإسم الدين حتى لا يتفرغ لك أحدهم أو بعضهم لأنك تخالف أولياء أمرهم .كذلك الآن كل شيء واضح فلا تجب على بعض الأسئلة المقصودة .
الحب
دائما ستلتقي بأشخاص جدد في العمل و الدراسة و تقريبا كل يوم فإذا لم تتقبل شخصا لا تركز معه أو تصرح بذلك على الملأ بدون أن يكون لديك سبب مقنع أو إذا كان السبب تافها خاصة شخص ستلتقيه كل يوم أو ستتعامل معه دوما و حاول أن تفصل بين مشاعرك و عملك أو دراستك , كما أن الحب قد يتسبب في عداوة و ينقلب للضد مثلا إذا رفضتك خطيبتك أو طلبت قطع العلاقة حاول أن لا تكبر الموضوع فقد إنتهى الأمر و كل واحد فليذهب في حال سبيله فالأمر ليس إستنقاصا لرجولتك ولا هم يحزنون
طبعا هناك عدة عداواة بين العائلات بسبب هذا الباب.
الصداقة
طبعا كم من صديق خذله صديقه فأصبحا عدوين و كم من صديق أفشى سر صديقه أو تشاركا في تجارة فخسرا المال و المودة , هنا على المرء أن يتعامل بحرص مع أصدقائه
أَحبِبْ حَبِيبَكَ هَوْناً مَا عَسَى أَنْ يَكُونَ بَغِيضَكَ يَوْماً مَا، وَأَبْغِضْ بَغِيضَكَ هَوْناً مَا عَسَى أَنْ يَكُونَ حَبِيبَكَ يَوْماً مَا.
من الرائع أن تحب أصدقائك و تقف معهم مواقف رجولية لكن هذه العلاقات قد لا تدوم و قد تنقلب إلى عداوة فحاول أن ترسم لأصدقائك حدودا لا يجب أن يتعدوها و أن لا يعرفوا عنك كل شاردة وواردة كما أنه مثلا حين تدخل مع صجيقك في مشروع يجب أن تعرفا ماذا ستفعلان حين تخسران .كذلك حاول أن لا تحرج أصدقائك بالحفاظ على أسرارهم و عدم زيارتهم بدون موعد و عدم التعدي على حرماتهم فإذا كان صديقك متزوجا و أنت أعزب مثلا لا تزره كثيرا في منزله و راع حرمته أو إذا كانت لديه أخوات أو وضعه المادي لا يليق بأن تداهمه في كل و قت وحين .
ببساطة حاول أن تجنب العداوات الزائدة خاصة في زمننا هذا فلم تعد هناك ضوابط أخلاقية ولا قواعد إشتباك واضحة .
في التعليقات أرجو الإلتزام بعدم النقاش في السياسة حتى أهديكم كتاب كليلة ودمنة لعبد الله إبن المقفع.
التعليقات